هي اسمها رحاب ويقال أن للإنسان نصيب من اسمه ، واسمها يعنى جمع للرّحبة، وهو عبارة عن الأرض المتّسعة ذات الحدود الكبيرة نوعاً ما .
من أوقاتى السعيدة ومحبة الله لى أنى عرفتها كنت أراها دوماً فراشة تحلق فوق الجميع لا لتتعالى عليهم ولكن لتطمئن أن الجميع بخير وأن عينيها تحيط بأحبابها على حد سواء.
رحاب صديقتى التى لم يجود الزمان بمثلها تراها للوهلة الأولى كالصخرة قوية حمولة جميلة ولا تدرك معدنها الرقيق إلا بمعاشرتها ومعاملتها وتجد قلبك ينبض بالحب لها تلقائياَ وكأنه ُولد ليحبها .
معظم علاقاتى كنت لأصدقائى نموذج الأم أوهكذا يقولون أهتم بهم لدرجة قد تكون غير صحية أحيانا ، إلا أنتى يا رحاب لم ترينى يوماً أماً لكى وكأنكى كانت تدركين أنى لا أحتاج إلى إبنة لأرعاها وأنكى لا تحتاجين إلى أما لتحميكى ، فقط صديقيتان نتبادل معاً لحظات الفرح والإنكسار .
لا اذكر لنا يوما تجادلنا فيه ولا تسعفنى ذاكرتى بأننا تخاصمنا أو تعاتبنا حتى ، علاقتنا كانت قائمة على النية الحسنة والحب والصراحة ولم يجد الشيطان يوما لها مدخلاً ليعكر علينا صفو صداقتنا.
أتذكر يوم أبلغتنى بمرضها وكانت تتحدث بمنتهى السلاسة والرضا وأنها تنتظر مشيئة الله وستحارب لأخر وقت عهداً لإبنتها وأسرتها ، مشاعرى كانت حائرة لم أكن حزينة لدرجة التشاؤم ولم أكن مرتاحة لدرجة الاطمئنان .
رافقتها فى مسيرة صراعها مع مرضاً لا يرحم كنت أستمد منها الطاقة والأمل نعم كانت تلهمنى _ومازالت_ وأجد فى صمودها مثالاً رائعاً لمن يقاوم مع الرضا الكامل بالمقسوم له من الله .
يوما ما صحوت بعد منتصف الليل بساعة أو ساعتين على حلم رأيتها مستلقية تنظر إلى السماء يغطيها العشب الأخضر وكأنه ينبت منها توجست خيفة من هذا الحلم العجيب وأسرعت إلى هاتفى أبحث عن خبر أخشى من وجوده .
وجدت رسالة قصيرة من صديقتنا " رحاب البقاء لله " ما أقساها من كلمات ذبحت قلبي بدون دماء .
رحلت رحاب وتركتنى وحيدة ، أتلمس رائحتك فى هديتك لى (الشال المزين بالورود ) وكأنه يؤنس وحدتى أحيانا .
تجنبت ذكر أسمك كثيراً لانى سأضطر أن أعقبه بطلب الرحمة والمغفرة ومازال جزءاً منى يرفض غيابك ، رفضت فى وقتاً من الأوقات أن أتواصل مع الأصدقاء المشتركين أو المقربين لكلينا حتى لا أوقن أنك لست هنا وكأنه هروب من واقع أخشى مواجهته .
منذ فترة قريبة رزقنى الله فى عملى بمن يحملون أسمك وصرت أخفى فرحتى لأنى صرت أردد أسمك كثيرأً وكأنه علاجاً من الله يطيب به خاطرى لغيابك .
غيابك حبيبتى أظهر ضعفى وقلة حيلتى ، رحيلك جعل الحياة صعبة بدون صداقتك ، ألجأ لكى كثيراً وأتسمع لصوتك وكأنه المرشد لى وأكاد أجزم أنكى ساعدتنى فى أصعب المواقف وفعلت ما أشرتى علي به .
أقسم لكى أنه لا عوض عن غيابك فزلزال رحيلك له توابع أجنيها وأتجرعها كل يوم ، صرت من النضج ما يجعلنى أدرك قيمة وجودك فى حياتى وأن لا أقبل بأقل منكى صديقة وليرحل من يرحل بعدك لم أعد أهتم
كلماتى تلك لم تكن سهلة السرد كما سيقرأها البعض ولا تكفيكى حقك ولكنى أجدها رثاءاً يبرد نار قلبي عليكى ولوقليلاً فلتقبلى كلماتى ولتصفحى عنى إن لم توفيكى حقك.
فى أول أيام رمضان أطلب لكى الرحمة والمغفرة وأن تضمنئى يا حبيبتى فقطعة قلبك أمنة مطمئنة ودومتى فراشة بيضاء جميلة تحيط بنا جميعا.
التعليقات