منظمة كُتّاب العالم (WOW) هي منصة عالمية مكرسة لتعزيز التعاون الأدبي بين الثقافات واللغات والقارات. تواصل المنظمة توسيع نطاق تأثيرها وآفاقها. وبعد النجاح الذي حققته في تنظيم مؤتمرها الأول في أبوجا، نيجيريا، تستعد الآن لمؤتمرها الثاني، والذي سيُعقد في موسكو يومي 20 و21 سبتمبر، تحت مظلة الجمعية العامة العالمية.
تحت الشعار الملهم: “نحنُ شعوب كوكبٍ واحد“، سيجمع المؤتمر القادم نخبة من الشخصيات البارزة في الأدب العالمي، للمشاركة في سبع موائد مستديرة تُعقد بالتوازي، يركّز كل منها على جانب محوري من الثقافة الأدبية العالمية — من الترجمة والنشر إلى التعليم وفنون الدراما.
ومن المرجّح أن يجتمع للمرة الأولى جميع الفائزين بجائزة WOW في المؤتمر. وكما أصبح تقليدًا سنويًا، سيتم تسليم علم WOW، حيث تسلّمه هذا العام نيجيريا، ممثّلة بالكاتب والي أوكيديران، إلى روسيا، ممثّلة بالشاعرة وسفيرة النوايا الحسنة لليونسكو ألكسندرا أوتشيروفا. وفي اليوم الأخير من المؤتمر، سيتم الإعلان عن أسماء الفائزين الجدد بالجائزة واسم الدولة التي ستستضيف مؤتمر WOW الثالث عام 2026.
أجرينا هذا الحوار مع رئيسة منظمة WOW، مارجريتا آل، وهي القائدة الملهمة لهذه المبادرة الطموحة، للتعرّف على أهداف المؤتمر ورؤية المنظمة الأشمل في بناء مستقبل أدبي موحّد.

مارجريتا آل، رئيسة منظمة كُتّاب العالم WOW
“الكاتب هو من يرى الروح داخل اللغة.”
— مارجريتا آل
بالنسبة لمن لم يتعرّف بعد على منظمة كُتّاب العالم، هل يمكنك تقديم نبذة مختصرة عنها ومبادئها الأساسية؟
مارجريتا آل:
جميع المعلومات الرسمية حول تأسيس منظمة كُتّاب العالم، وتاريخها، وآفاق تطورها، وانتشارها الجغرافي، وهيكلها، وإدارتها، والفائزين بجوائزها، والمجلس الأدبي الأعلى، وشركائها — كلها موثقة بشكل مفصّل على الموقع الرسمي للمنظمة:
http://wow-lifft.com.
فمرحبًا بكم في بيتنا الإلكتروني
لكنّ الروح الحقيقية لـ” منظمة كُتّاب العالم”، ونبضها الحي، هم — أولًا وأخيرًا — الكتّاب. أولئك الأشخاص الذين يرون الروح داخل اللغة. هي اتحاد لطبقة خاصة من البشر. لا يهم أي لغة يتحدثون أو يكتبون أو يفكرون بها، ولا في أي بلد يعيشون أو إلى أي علم ينتمي جواز سفرهم — إنهم موصولون ببنية داخلية غير مرئية، بتركيبة فريدة من الطبيعة البيولوجية والروحية، حيث الإبداع ليس مجرد وظيفة، بل نمط وجود.
قدرتهم الأساسية، ومهنتهم، ومصدر سعادتهم، هو التمكن الفذ من الكلمة، والذي من خلاله يكتسب العالم معاني جديدة وسردًا أخلاقيًا وروحيًا.
إذا أزلت هذه الفئة الصغيرة من الناس، فإن الحضارة البشرية ستتحوّل إلى مجتمع بلا لغة وبلا أخلاق، يهلك بعضه البعض ويدمّر الكوكب.
ينبغي أن لا تُدرج اللغات المهددة بالانقراض وحدها في القائمة الحمراء، بل يجب أيضًا إدراج الكاتب — بوصفه نوعًا مهددًا بالانقراض من “الإنسان العاقل” القادر على الحفاظ على تماسك العالم بالكلمة.
منظمة كُتّاب العالم (WOW) هي أيضًا مساحة لإعادة تأهيل الكاتب، واكتشاف أبناء الروح والفكر والكوكب. والأهم في هذا العصر — هو وعي الكاتب بمهمته، وبمسؤوليته في الحفاظ على الشيفرة الثقافية والأخلاقية.

ما الذي ألهم تأسيس منظمة كُتّاب العالم (WOW)؟ وما الدور الذي ترين أنها تؤديه في المشهد الأدبي المعاصر؟
مارجريتا آل:
منظمة كُتّاب العالم (WOW) هي نتيجة تطور حدسي لمشروع يهدف إلى توحيد الفضاء الأدبي. مررنا بعدة مراحل، وما نحن عليه اليوم كمنظمة عالمية لم يكن مخططًا له ولا متنبأً به. كل شيء تطور بشكل طبيعي — باختيار الطريق الأقل مقاومة، مع حرية التوقف، أو تغيير المسار، أو اتخاذ قفزة، أو تبنّي قرار غير تقليدي، أو تقديم بيان بأخلاقيات إبداعية جديدة.
وأعتقد أن هذه الحرية بالذات — في الاختيار والفعل، والجِدة، والإبداع، والامتداد الجغرافي، والجمهور المتعدد اللغات — هي ما يجذب الانتباه إلى WOW، ويزيد من عدد الكتّاب المنضمين إلى منصتنا.
اليوم، تعتبر جائزة منظمة كُتّاب العالم (WOW) واحدة من أرفع الجوائز الأدبية. تُقبل الأعمال المتقدّمة للجائزة بستّ لغات عالمية. ويُعقد المؤتمر في بلد الفائز بجائزة WOW. أما المرحلة القادمة في مسيرة التطوير، فهي التمثيل المنتظم لـ WOW في معارض الكتب الدولية.


المؤتمر الأول في أبوجا
عُقد المؤتمر الأول لـ منظمة كُتّاب العالم (WOW) في أبوجا، نيجيريا. ما أبرز الدروس أو النجاحات التي تودين الإشارة إليها من هذا الحدث التاريخي؟ وكيف ساهمت تجربة أبوجا في التحضير للمؤتمر الثاني؟
مارجريتا آل
كان المؤتمر الأول في أبوجا حدثًا تاريخيًا بكل معنى الكلمة. جمعنا كتّابًا من 89 دولة، وأسّسنا مجلس إدارة منظمة كُتّاب العالم (WOW)، وأقرّينا المبادئ الأساسية للمذكرة: الإنسانية، وأخلاقيات الإبداع الجديدة، وأعلنا عن أوائل الفائزين بجائزة WOW ضمن أربع مجموعات لغوية، وأقمنا شراكات مع اتحادات الكتّاب في إفريقيا. هذه التجربة منحتنا الثقة والفهم: العالم بحاجة إلى مثل هذه المنصات.
في نيجيريا — البلد ذو الإيقاع الثقافي المختلف — وجدنا تجاوبًا هائلًا وفهمًا عضويًا لأهمية الكلمة. لم تولد هناك الأفكار فحسب، بل وُلدت أيضًا علاقات — شخصية، ومهنية، وعميقة. سمعنا كيف تختلف أصوات الأدب العالمي، وكم تتشابه في الجوهر.
لقد أثبتت هذه التجربة أن العالم مستعد لبنية أدبية جديدة، حيث لا يكون الشرق والغرب خصمين، بل إيقاعين مختلفين لقلبٍ واحد.
في موسكو، سنطبّق أفضل ما توصّلنا إليه، ونعزّز البرنامج، ونوسّع دائرة المشاركين.

المؤتمر الثاني في موسكو
سيُعقد المؤتمر الثاني في موسكو تحت شعار “نحنُ شعوب كوكب واحد“. لماذا اخترتم هذا الموضوع الأبدي لمؤتمركم؟ وما الذي يعنيه بالنسبة لكم؟
مارجريتا آل:
نحن حقًا شعوب كوكب واحد، لكننا منذ زمن نعيش وكأننا في عناوين مختلفة — متفرّقين، مرهقين، منغلقين داخل خوارزمياتنا وفقاعات أخبارنا. وفجأة نطرح على أنفسنا السؤال من جديد: من نكون لبعضنا البعض؟ جيران، أعداء، أم شركاء في صنع العالم؟
مؤتمر موسكو هو فعل واعٍ ومخطط من الكتّاب: إنشاء مختبر لأجواء روحية مشتركة، وروح القبيلة، والأخوّة.
بغض النظر عن اللغة، أو الدين، أو الثقافة، فإننا نعيش على كوكب واحد — والأدب هو أحد المجالات القليلة التي لا يزال فيها هذا التوحُّد ممكنًا. نحن نخاطب العالم بلغة الشعور والصورة والمعنى — وندعو الجميع لرؤية الإنسان في الآخر.
وقد بدأنا بالفعل في تلقّي مقترحات عملية لتوسيع المهمة:
- وضع شخصية الكاتب في مركز العملية الإنسانية كمُنشئ لبنية فكرية جديدة؛
- اعتبار النص الأدبي وسيلة للملاحة الروحية في عالم حلت فيه الخوارزميات محلّ المنطق؛
- إنشاء مختبرات كتابية داخل منظمة كُتّاب العالم، تسمح بالتأمُّل في المستقبل قبل أن يتحوّل إلى مجرد إحصاء.
وهناك مقترحات أخرى قيد الدراسة.

تخططون لإقامة سبع موائد مستديرة بالتزامن. هل يمكنكم أن تشرحوا كيف يُعزّز هذا التنسيق من التفاعل والحوار؟
مارجريتا آل:
نعم، هذا هو تنسيقنا الاستراتيجي — برج بابل الأدبي الصغير الخاص بنا. ننظّم في الوقت نفسه سبع موائد مستديرة، بسبع مواضيع، وسبع اتجاهات لا تتنافس بل تتكامل، ولكل واحدة منها مشرف ومجموعة قوية من المتحدثين.
في الجزء الأول (90 دقيقة) يناقش المشاركون المواضيع ضمن إطار مهني. وفي الجزء الثاني (90 دقيقة أخرى)، يقدّم كل طاولة مندوبًا لعرض النتائج والرد على الأسئلة. هذا يُنتج حوارًا أفقيًا حيًّا ويسمح باتخاذ قرارات عملية.
إنه ليس تنسيق “جلسنا ورحلنا”، بل هو “التقينا — وأطلقنا حركة”. حوار بوصفه شكلًا من أشكال التفكير. ونحن نتوقع مشاركة كُتّاب من أكثر من 100 دولة.
تتراوح المواضيع بين الترجمة والدراما والتعليم. كيف تم اختيار هذه الاتجاهات ولماذا هي مهمّة اليوم بالذات؟
مارجريتا آل:
لم نختر الموضوعات حسب الموضة، بل حسب الألم.
الترجمة — لأننا بدونها نظل في عزلة ثقافية.
الكتّاب الشباب — لأن الكلمة لا مستقبل لها بدونهم.
الجامعات — لأن المعنى يحتاج إلى بيئة.
وسائل الإعلام والمجلات الأدبية — لأن صوت الكاتب يجب أن يُسمَع.
المهرجانات ودور النشر — لأن الكتاب يجب أن يصل إلى القارئ.
الدراما والسينما — لأن الكلمة يجب أن تتحرّك.
اتحادات الكُتّاب — لأن حتى العبقري لا ينجو وحده.
هذه هي المجالات التي يعيش فيها الأدب، ويتطوّر، ويتفاعل مع المجتمع. نريد أن يجد كل مشارك مكانه وفرصته للتعاون.
الموائد المستديرة
التعليقات