بحثت عن معنى كلمة الخير فوجدت العديد من التعريفات العلمانية القديمة:
- حالة مرغوبة ممتعه تثير الرضا والشر هو ما عكسها، تعريف للفيلسوف اليوناني "أبيقور". الخير حاله نعم، ولكن هل كل ما هو ممتع للإنسان يكون خير؟! مثلا إذا أراد شخص الزواج من فتاه واعتبره عمل خير بالنسبة له. هل يعتبر هذا الفعل خير لكل من حوله؟؟!! ماذا لو كانت الفتاه أجبرت على الزواج؟! ماذا لو كان هناك شخص يحبها من قبل وينوي الزواج بها ومنعته ظروفه هل يعد زواج الأخر منها خير له؟!! هل يكون لمفهوم الخير في المطلق تعريف نسبى؟!
-الخير ما ينفع الانسان والشر ما يضر الانسان. من يحدد النفع والضر وعلى من يقع، فهناك أفعال تفيد صاحبها وتضر بالغير. وهناك أشياء يصعب تحديد نفعها من ضرها فالطعام مثلا مفيد لكنه ضار عند الاكثار منه. كما انه يختلف من شخص لأخر حسب حالته الصحية فنوع واحد من الطعام خير لأحدهم وشر للأخر. تعريف نسبى أخر.
-الخير ما يعود بالجدوى. تعريف شبيه بما يسبقه يحدد الاعمال التي تعود بجدوى وفائدة بالخير وما دونها شر. كيف؟! وليس كل فائدة تعم على الجميع، تحضرني ابيات المتنبي في ديوانه (بذا قضت الأيام ما بين أهلها.. مصائب قوم عند قوم فوائد) فصفقة التاجر الناجحة خير له وشر لتاجر أخر منافس له.
ولما أصبحت التعريفات جدلية قال السفسطائيون (أن الخير والشر أمر نسبى، فالشر يكون شر وفق جهة المتضرر منه، والخير يكون خير وفق وجهة نظر المستفيد منه، فلا معنى للشر أو الخير لانهما أمرن نسبيان).
ومع كثرة الجدل أصبح هناك صعوبة في تصحيح سلوك الافراد. فوجب العمل على مواثيق اجتماعية تحدد الخير والشر وتحدد العقاب لمن لا يلتزم بما هو خير للمجتمع. يقول "روسو": (هناك رغبة عارمة للمجتمع وميثاق اجتماعي هو ما يحدد مدى الخير والبعد عنه هو الشر). ولكن للأسف مع تعدد الأنظمة الحاكمة ما بين صالحة ترسخ مفاهيم الخير بالحب والتسامح وتعزز نظم الحماية بما فيه خير للجميع وفاسدة تفرض توجهاتها وقيمها بما فيه مصلحة لسلطتها فالشر دائما وسيلة الحصول على السلطة وفرض السيطرة.
وجاءت الأديان السماوية لتحسم الجدل وترسخ معاني سامية للبشرية وتضع مواثيق سماوية عادلة. فحينما تؤمن بالله الواحد تؤمن بعدله ومن ثم بمنهاجه وتعاليمه فلا شك فيها انها الخير للجميع. وحده القادر على التنظيم. ووحده من يحدد ما هو خير أو شر لك ولغيرك. فلا حق لمفهومك الدنيوي المحدود، وحده الحق. يقول الله عز وجل :( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (سورة البقرة).هو من يعلم انت فقط أسلم وأتبع بلا اجتهاد شخصي، فإن الله تعالى يقول:(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (سورة الْكَهْفِ).و كما نظم الله المنهاج نظم الثواب لمن يتبع والعقاب لمن لا يتبع. حكمة الهيه مفادها الخير للجميع بعدل مطلق.
يقول أحد الامثال الشعبية (خير تعمل شر تلقى) بحسابات البشر تفعل الخير ويسئ لك من فعلت فيه الخير. لكن ما لنا بحسابات البشر. فعند العدل لا خير يضيع ولا شر. يقول عز وجل :( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (سورة ال عمران).
عند الله العدل، خير تعمل خير تلقى.
التعليقات