"ليس هناك شيء يسمى الحرية، وأكثرنا حرية هو عبد للمبادئ التي يؤمن بها، وللغرض الذي يسعى إليه.. إننا نطالب بالحرية لنضعها في خدمة أغراضنا ... وقبل أن تطالب بحريتك اسأل نفسك لأي غرض ستهبها؟!..."
"إحسان عبدالقدوس"
فيلم "أنا حرة" بطولة الفنانة الكبيرة "لبنى عبد العزيز"، عن رواية للكاتب الكبير "إحسان عبد القدوس"، وسيناريو الكاتب الكبير "نجيب محفوظ"، وحوار المخرج المسرحي والكاتب الكبير "السيد بدير" وإخراج المخرج الكبير "صلاح أبو سيف" ..... مقدمة كافية لقول ... أنه كان عبارة عن ملحمة أكثر من كونه مجرد فيلم ....
كانت فكرة الفيلم جريئة وقتها إلى حد رفضه من الأهالي .... وفي فترة حكم الإخوان المسلمين تم وضعه في قائمة الأفلام الممنوعة من العرض ....
تدور قصة الفيلم حول أمينة؛ فتاة تعيش مع عمتها بعد انفصال والديها، تبدأ حياتها برؤيتها لوالدتها التي يمنعها زوجها الثاني حتى من رؤية ابنتها .... وعمتها التي تتحمل الذل والإهانة من زوجها .... بل حتى لا تراه مخطئا ولا ترى نفسها ضحية بل ترى هذا طبيعيا فهذه طبيعة جميع الرجال .... لتجد أمينة نفسها كالعصفور السجين في قفص .... يتذبذب ويتخبط من أجل الخروج من القفص ولو كلفه الأمر إيذاء نفسه ... فغايته هي الحرية .... تمردت على كل العادات والتقاليد المرتبطة بمواعيد الخروج والدخول .... وذوقها في الملابس .... وكل ما تم نهيها عنه من الرقص وما شابه ذلك .... أي فعلت كل ما يسمونه خطأ حتى أصبحت شاذة .... منبوذة من كل أهل منطقتها ....
إلى أن استطاعت أخيرا بكفاحها وعنادها أن تصل لحريتها المرجوة حيث رفع زوج عمتها يده عنها وأعطاها كامل حريتها .... وعندما أخذت الحرية اختارت العلم والثقافة على عكس ما توقعوا .... إلى أن نجحت في التوجيهية ... ولأنها شخصية دائمة التطلع لحرية أكبر أرادت الدخول للجامعة ثم العمل وكسب قوتها بنفسها حتى لا تخضع لأي أحد كان ....
ولكن كانت المفاجأة حينما حققت ذلك .... لأنها لم تشعر بالراحة والسعادة مثلما توقعت .... اكتشفت أن كل ما فهمته عن الحرية كان خاطئا ... فلا وجود لحرية مطلقة .... فبعد أن حصلت على حريتها من العادات والتقاليد، وحريتها من فكرة الزواج الواجب للمرأة، وجدت عبودية جديدة للشركة التي عملت بها .... التي وضعت على مكتبها عبارة وقتك ملك للشركة ....
لتكتشف في النهاية على يد الكاتب الصحفي الشاب عباس والذي قام بدوره الفنان "شكري سرحان" أن لا مفر من العبودية .... ولكن الفرق بين عبودية وأخري هو اختيارك لما تحبه لتضحي من أجله وترضي بأن تكون عبدا له سواء كان وطنا أو مبدأ ....
الحياة اختيارات .... يقال الآن على لسان أساتذة التنمية البشرية إذا أردت أن تعلم ما إذا كان حلمك هو ما تحبه وتريده حقا أم مجرد رغبة مؤقتة .... ففكر للحظات في حلمك فإذا كان حلمك هو أن تصبح مغنيا مشهورا وكلما حاولت التخيل شاهدت نفسك واقفا على مسرح كبير أمام ملايين من المعجبين وهم مبهورون بما تقدمه من عزف وغناء فاعلم أنه رغبة فقط في النهاية .... في لحظة الوصول ... بينما يكون الحلم الحقيقي عندما تسعد بتخيل نفسك في أول مرة تغني أمام أحد وينتبه لك، بتخيل نفسك وأنت حامل لأدواتك الموسيقية مع باقي أفراد فرقتك كل يوم من أجل التدريب .... فالحلم الحقيقي هو ما تسعد كلما أخذت خطوة في طريقه ....
توقف قليلا عن الركض وأعد التفكير .... فانسحابك في منتصف الطريق أفضل بكثير من الوصول ثم الاكتشاف أن هذا ليس مكانك .... ستندم على حياتك التي ضاعت هباء وراء مجرد رغبة وقتما لا يفيد الندم .... حريتك كنز فأحسن استغلاله للوصول لحلمك ....
الحرية وسيلة وليست غاية .... الحرية وسيلة وليست غاية .... الحرية وسيلة وليست غاية ....
التعليقات