قانون الجذب مرتبط ارتباط مباشر ووثيق ببرمجة الإنسان. عندما يأتي المولود إلى الحياة الدنيا فإنه لا يأتي أعزل وضعيفاً كما يتهيأ لنا من عجزه الظاهر عن إطعام نفسه وتنظيفها ورعايتها، ومن حاجته الدائمة إلى من يقوم على شؤونه حتى ينمو ويكبر. بل إن كل شخص يأتي إلى الحياة يصل مزوداً بتجهيزات خاصة ربانية هي من صميم تكوينه الإنساني، تكفل حمايته من الأخطار ونجاته غريزياً على صعيد أعمق بكثير من توفير المأكل والملبس.
كل إنسان مزود بجهاز حماية داخلي متيقظ جداً ومتنبه على مدار الساعة لأية أخطار يمكن أن تهدد الحياة، يسميه العلماء والباحثون في مجال الدماغ: العقل البدائي (أو عقل الزواحف- إذ توجد قواسم مشتركة كثيرة بين عقل الانسان وعقل الزواحف مثل اختيار وتهيئة مكان السكن، حماية منطقة السكن، الصيد، التزاوج، المغازلة، التجمع في قطعان وأسراب.. الخ).
العقل البدائي هذا، مبرمج من الخالق على التعامل الفوري مع حالات الأخطار واختيار أحد ردي فعل أساسيين: الهرب أو القتال (وثمة رد فعل ثالت هو "التجمد" لكنه طارئ على البرمجة الغريزية). والرائع في الأمر أن هذه الاستجابة تتم في غضون ثوان أو أقل، فعندما كان أسلافنا يتعرضون لهجوم من حيوان بري أو زلزال أو انجراف صخري، يقيّم العقل البدائي الموقف ويتصرف فوراً من تلقاء ذاته وفق ما يراه مناسباً فيدفع صاحبه إما إلى القتال والمواجهة أو الهرب لينفد بجلده. ولا يزال مفعول ذلك سارياً حتى أيامنا هذه وسيبقى إلى آخر الزمان.
الأروع من ذلك هو أن الموقف الذي حدث يتسجل في العقل البدائي ويتحول إلى برمجة على أنه "موقف تمت النجاة منه"، وبما أن العقل البدائي مصمم على "النجاة" بصاحبه وحفظ حياته فإنه الآن يبحث تلقائياً عن مواقف مشابهة لكي ينجو منها. هذا هو لب المسألة بكل اختصار.
وهكذا عندما ينجو الطفل من أب عنيف ضربه حتى شارف على الموت، فإن عقله البدائي هذا يسجل الموقف على أنه "قابل للنجاة" وهكذا تجد هذا الطفل يسعى سعياً لكي يدخل في شجارات وعراكات ومواقف تضمن له التعرض لتجربة تهدد الحياة لكي ينجو منها. وكل هذا يحدث باللاوعي.
وهذه العملية بالذات هي في صميم قانون الجذب كما ترى. على سبيل المثال، عندما يتعرض الإنسان في مرحلة من مراحل حياته، وعلى الأخص في الطفولة المبكرة، للتهديد في أساسيات بقائه على قيد الحياة مثل المأكل والملبس والسكن- كأن يتعرض هو أو أمه للطرد من البيت في نوبة غضب من الأب- يسجل عقله البدائي هذا الموقف على أنه قابل للنجاة. وعندما يكبر ليدخل معترك الحياة، تجده يدخل في علاقات مع أرباب عمل أو زملاء أو أزواج يهددون "أمانه" بطريقة أو بأخرى.. وهذا تفسير ما يقوله خبراء قانون الجذب في أن الإنسان الذي لم يتشافى من صدمات الطفولة يجذب شبيه أمه أو شبيه أبيه في هيئة زوج أو زوجة أو حتى صديق أو رب عمل.
والعملية نفسها تنسحب على كل نواحي الحياة، مثل الوضع المالي. فمن عاش في فقر مدقع ونجا، بمعنى أنه تمكن من كسب مبلغ محترم من المال عندما كبر فيما بعد، سيجد نفسه في دائرة من التدمير الذاتي بحيث يعود فقيراً كما كان (لأن فقره هو نجاته حسب برمجته). والدليل على ذلك ما أثبتته الإحصائيات من أن 70% من رابحي اليانصيب يخسرون ملايينهم بل وحتى يعلنون إفلاسهم في غضون 3-5 سنوات من ربحها.
طيب ما الحل إذن؟ قد تكون البرمجة اللغوية العصبية التحويلية الطريقة المناسبة للتعامل مع هذه الحالات، بشرط أن يدرك صاحب العلاقة ما يجري معه وأن يريد بوعي العمل على التخلص من برمجته القديمة واستبدالها ببرمجة أخرى. ذلك أن عقل الإنسان غير مصمم على تحديث نفسه بنفسه على اعتبار أن غايته الأولى والأساسية هي حماية صاحبه وضمان نجاته. أما حين يدرك الإنسان أن هذه البرمجة قد أصبحت قديمة وليس لها علاقة بعد الآن بنجاته- بل إنها تقف بالأحرى في طريق نجاته (الزواج الفاشل وخسارة المال مثلاً) هنا يستدعي الوضع التدخل من خلال استراتيجيات وتقنيات معينة على يد ممارس البرمجة اللغوية العصبية التحويلية من أجل "تحديث" البرمجة أو تغييرها، وبالتالي تختلف طريقة تعامل الشخص صاحب العلاقة مع ظروف الحياة المختلفة، وتتغير نظرته لما يجري ويكتسب إدراكاً وفهماً جديداً فيساعده كل ذلك على الحصول أكثر على مايريد وأقل مما لايريد. وحتى ينجح كل ذلك لا بد من يختار الشخص أن يساعد نفسه ويسعى لذلك، فالسعادة أولاً وأخيراً قرار واختيار ومسعى.
التعليقات