بعد ولادة متعثرة، جاء تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء المكلف محمد نجيب ميقاتي ليحمل بادرة أمل، ليس للشعب اللبناني الذي يعاني الويلات خلال الفترة الأخيرة فقط ، وإنما للعالم العربي بشكل عام الذي يتطلع إلى بناء علاقات جديدة نحو تبادل المنفعة والشراكة الفاعلة.
ولاشك أن الفترة الماضية في عُمر لبنان الحبيب كانت قاسية للغاية، سواء من خلال التدهور الاقتصادي، ومن ثم الأزمات الاقتصادية والكهربائية المخيفة، إلى جانب الفراغ السياسي الممتد لأكثر من عام بسبب خلافات تشكيل الحكومة، إلا أن أصبحنا أمام تشكيل حكومي هو في النهاية يمثل أفضل الجهود نحو بداية الطريق لبناء لبنان.
وكان من الضروري على الدول الفاعلة، وأولها مصر أن تمد يد العون للمساعدة في حل أزمة الطاقة في لبنان حتى يعود إلى طريقه الصحيح، وكان الاتفاق منذ أيام بين وزراء الطاقة والبترول في مصر وسوريا والأردن على بدء تنفيذ نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأراضي السورية.
وهذا الاتفاق هو أكبر دليل على رغبة القاهرة، وشركائها تجاه استقرار لبنان، ويمثل شراكة عربية جديدة نحو تبادل المصالح، وإنقاذ الأشقاء العرب في كل مكان، بدلاً من جعلها فريسة سهلة لأصحاب الأجندات الخارجية، ومن يستغلون الأزمات في تأليب الشعوب، لنجد الاضطراب السياسي هو المسيطر على الحالة، والفراغ الذي نتج لقرابة 13شهراً منذ استقالة حكومة حسان دياب عقب انفجار مرفأ بيروت.
وكان الملفت للنظر في الحكومة الجديدة التي تؤدي اليمين خلال ساعات، هو اختيار الإعلامي الكبير جورج قرداحي، وزيراً للإعلام في الحكومة الجديدة، وهو في تقديري أفضل اختيار على الإطلاق، ليس فقط بسبب خبرة قرداحي الإعلامية على مدار عقود، وإنما لعلاقاته الواسعة، وشهرته الكبيرة في العالم العالي، وفي غالبية دول العالم.
ومن الطبيعي أن يكون التفكير في عرض الملف اللبناني إعلامياً كي يستطيع لبنان النهوض، سواء بجذب الاستثمارات، أو إلقاء الضوء على مقدراته وخيراته، والجذب السياحي ، ولكسب الثقة العالمية نحو لبنان الجديد الذي نتمناه عبر شخصية معروفة بحجم قرداحي، وهو يمثل إضافة وقوة كبيرة في العلاقات الخارجية، ليكون وزيراً للإعلام وربما سفيراً للخارجية أيضاً.
وما يحدث في لبنان الآن يؤكد بما لايدع مجالا للشك صعوبة بناء الأوطان بعد الأزمات، وأزمة الثقة بين أي حكومة جديدة وبين الشعب، في ظل شعوب تتعامل مع تغيير الحكومات بآمال تفوق القدرات، دون النظر لتحديات المرحلة، والمؤكد أنه لابديل عن الصبر، ومنح الحكومة الجديدة فرصة إعادة ترتيب الأوراق داخلياً وخارجياً حتى يعبر لبنان الأزمة.
والتحديات الحالية أمام الحكومة الجديدة تتطلب التعاون والاصطفاف الداخلي، وتنحي الخلافات جانباً، وأن يعمل الجميع من أجل لبنان أولاً، والحرص على إعادة الصورة الذهنية لكل مواطن عربي تجاه بيروت كما كانت، فهي موطن رئيسي للثقافة العربية لايمكن التخلي عنه، أو محوه من الخريطة لأي سبب، كما أن الجيل الحالي عليه مسئولية وطنية بشأن مستقبل البلاد أمام الأجيال القادمة.
لقد زرت لبنان، خاصة العاصمة بيروت أكثر من مرة، وكان آخرها منذ أسابيع، وأتمنى أن تكون الزيارة القادمة في وضع أفضل على كل المستويات، حتى تعود أحب البلدان إلى قلبي كما كانت، لتظل أغاني لبنان الحبيبة، وروائع الفنانة اللبنانية فيروز في أذاننا..نعم سنظل نغني لفيروز " بحبك يا لبنان" و"من قلبي سلام"، فهي تستحق الحب والسلام من كل عربي.
التعليقات