ليس هناك أجمل ولا أروع من قضاء ساعات الظهيرة مع فلاسفة وحكماء العالم الافتراضي في مواقع التواصل الاجتماعي، فما تعلمته منهم شخصياً على مستوى الحياة والعمل كان له كبير الأثر والحمد لله.
وقد لاحظت في الآونة الأخيرة عند تنقلي بين مواقع التواصل لألتقي شخصيات لها أثر إيجابي ووزن اجتماعي على صعيد العالمين (الافتراضي والحقيقي)، وجود "فطاحل" من نوع فريد يتحدث كل منهم بعفوية عن آخر أخباره، كاشفاً لنا خريطته الذهنية وبعض الخصلات المتناثرة ونصف وجه، ويستمر الحديث لساعات طوال عن "ولكم هلا".."بلوك".. وكلمات أخرى غير لائقة لا يمكن لأحد مهما كان أن يتلفظ بها ولو بينه وبين نفسه.
وأصارحكم القول، دفعني الفضول إلى محاورة بعضهم على الهواء مباشرة وطرح عدد من التساؤلات وكانت البداية تساؤلين: هل درست ؟ ومتى ستنتهي إجازاتكم؟
وجاءتني الإجابة على التوالي: أي دراسة فأنا مجاز، ستنتهي بعد 3 أسابيع!
وعلى الفور تبادر في ذهني تساؤل آخر عن خطط وزارة الثقافة والشباب وتنمية المعرفة ودورها في ظل التطورات الإيجابية الذكية المبتكرة الأخيرة، وهنا تساءلت لماذا لا تكون هناك برامج ترفيهية افتراضية خاصة بالطلاب في إجازاتهم تحت إشراف المختصين من التربويين والاختصاصيين في العلوم والثقافة ورعاية الموهوبين تكون مهمتها بناء الثقة واكتشاف وصقل المواهب وتعزيز الثقافة السليمة والعلوم والابتكار، وهو سؤال لا يدخل في إطار التدخل في عمل الآخرين، لكن لحرصي على تخريج أجيال موهوبة تجاري العصر وتحفظ التقاليد.
أما آن الأوان لإنشاء شبكة ذكية لرعاية الموهوبين من أبنائنا تعوضهم عن انشغال الآباء المستمر وتوفر لأبنائنا وسائل الاتصال الحديثة كافة.
ما الضرر في أن تكون هناك ورش ابتكارية افتراضية تبث بشكل مباشر لأبنائنا مواد ثقافية تحفزهم على تعلم القيم والعادات والفنون الإماراتية مثل السنع واليولة والرزفة والفنون الشعبية الأخرى؟!
ما الضرر في بث قنوات افتراضية لبناتنا تعنى بالاتيكيت واللباقة وأخرى عن الحياكة أو "الكب كيك" والكروشية والتصميم والتشكيل؟!
ما الضرر في بث قنوات افتراضية خاصة يسجل ويقدم فيها أبناؤنا وبناتنا أفكارهم في فترة الإجازة ما بين الفصول الدراسية للاستفادة من الوقت بشكل فعال بعلم الوالدين ورعاية الجهات المختصة؟!
لدينا ثروة حقيقة هي الشباب فلنبتدع شتى الطرق والوسائل التي تدفعهم إلى استكمال مسيرة الإبداع والنجاح والتميز التي بدأتها الأجيال السابقة، ومن واجبنا الاستثمار فيهم والكشف عن الموهوبين منهم وربما الباحثين والعلماء.
أبناؤنا هم حصادنا وهم الأمل والغد والمستقبل والفرحة المرجوة الماضون نحو التقدم والازدهار، فلنلتفت قليلاً إلى ما يشغلون به أوقات فراغهم، فالأوطان تبنى بالعقول الراقية والوقت الذي لا يستثمر يضر.
ويبقى سؤال كل العصور: أين أولياء الأمور من أبنائهم؟ فلنخلق الأدوات والوسائط والوسائل التي تعينهم على متابعتهم لضمان حصول أبنائهم على العلم والفائدة والمعرفة المستدامة.
آمنة البدواوي
التعليقات