تشهد العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي تطورًا مهمًا مع توقيع وثيقة أولويات المشاركة حتى عام 2027. هذه الوثيقة تُعد إطارًا استراتيجيًا للتعاون بين الجانبين، وتعكس التزامهما المشترك بمعالجة التحديات المتنوعة وتعزيز المصالح المتبادلة لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة على جانبي البحر الأبيض المتوسط.
يؤكد التوقيع على وثيقة أولويات المشاركة على أهمية التعاون المستمر بين مصر والاتحاد الأوروبي في حل النزاعات وبناء السلام وتعميق التكامل الاقتصادي الإقليمي. بالإضافة إلى مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية في مناطق البحر المتوسط والشرق الأوسط وإفريقيا، يسترشد التعاون برؤية مصر لاستراتيجية التنمية المستدامة 2030، وسياسة الجوار الأوروبية المنقحة، وأجندة الاتحاد الأوروبي الجديدة لمنطقة البحر المتوسط، وخطته الاقتصادية والاستثمارية للجوار الجنوبي، والصفقة الخضراء الأوروبية.
تهدف أولويات الشراكة إلى تلبية تطلعات شعوب جانبي البحر المتوسط من خلال تحقيق التنمية المستدامة الشاملة والعدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل اللائق وتعزيز الازدهار الاقتصادي. تشمل هذه الأهداف النمو الشامل المدعوم بالابتكار والحوكمة الفعالة والتشاركية، مع التركيز على سيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك الحقوق الاجتماعية وحقوق العمل وتمكين المرأة لتحقيق المساواة بين الجنسين وحقوق الأطفال.
تركز وثيقة أولويات المشاركة على دور كل من الاتحاد الأوروبي ومصر كلاعبين دوليين، وتهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي والدولي. تشتمل هذه الشراكة على التنقل الذكي والرقمنة والاقتصاد الأخضر، وهي أدوات حيوية لتوفير فرص جديدة للتعاون. كما يعمل الجانبان على تنفيذ المبادرات الرئيسية للخطة الاقتصادية والاستثمارية لأجندة منطقة البحر المتوسط، بما في ذلك مبادرات "فريق أوروبا"، لتحقيق أولويات الشراكة.
تتضمن أولويات الشراكة حتى عام 2027 تحقيق اقتصاد حديث مستدام وتنمية اجتماعية في مصر. يتعاون الاتحاد الأوروبي ومصر في دفع الأهداف الاجتماعية والاقتصادية المنصوص عليها في "استراتيجية التنمية المستدامة - رؤية 2030"، مع التركيز على تعزيز المرونة، وبناء الرخاء، ودعم التحول إلى الاقتصاد الرقمي والأخضر. باعتبارهما شريكين تجاريين مهمين، يسعى الاتحاد الأوروبي ومصر إلى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية، وتحسين القدرة التنافسية وضمان وصول السلع والخدمات إلى الأسواق وفقًا للوائح منظمة التجارة العالمية واتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر.
سيعمل الاتحاد الأوروبي ومصر على تنويع مصادر الطاقة والتحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات، مع التركيز على مصادر الطاقة المتجددة وإجراءات كفاءة الطاقة. كما يسعى الجانبان إلى تعزيز التحول نحو وسائل نقل بري منخفضة الكربون ومستدامة، بالإضافة إلى تحسين الشحن البحري والطيران المدني.
يمثل مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي رسالة دعم قوية لمصر، ويؤكد على مكانتها المحورية كركيزة لأمن واستقرار المنطقة وبوابة للقارة الأفريقية. ترفيع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية الشاملة يعكس المكانة الخاصة التي توليها أوروبا لمصر. تعتبر مصر شريكًا استراتيجيًا رئيسيًا في مجال الطاقة، خاصة في ضوء دورها المحوري في منتدى غاز شرق المتوسط وجهودها لتعظيم دورها كمركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز الطبيعي.
تجمع مصر والاتحاد الأوروبي علاقات تاريخية وطيدة تعود إلى أكثر من 200 عام. شهدت العلاقات تطورًا كبيرًا على المستويات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، خاصة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حرص على تنمية وتعزيز أطر التعاون المشترك بين الجانبين في مختلف المجالات. يعتبر الاتحاد الأوروبي أحد الداعمين الرئيسيين لمصر، ويرى فيها شريكًا لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار في شرق المتوسط وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.
تُعد الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي نموذجًا للتعاون الدولي القائم على المصالح المشتركة والرؤية المستقبلية. تعكس الوثيقة الجديدة التزام الجانبين بتعزيز التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة، وضمان التنمية المستدامة، والازدهار الاقتصادي، والاستقرار السياسي في المنطقة.
التعليقات