لا شك أن السنوات الماضية بعد ثورة 30 يونيو التي نحتفل بالذكرى الثامنة لها خلال الأيام الحالية، قد شهدت فيها مصر تغييراً جذرياً في سياستها وإدارة نظام الحكم، خاصة سياستها الخارجية، وهو الأمر الذي يراه ويشعر به الملايين من أبناء الشعب، وليس رجال الدبلوماسية، والمتخصصين في هذا الشأن فحسب.
وبعيداً عن دور مصر الريادي في المنطقة، أو دورها العربي والإفريقي، نجد دور مصر الإنساني تجاه الآخرين، بغض النظر عن الانتماء الجغرافي، أو أي تعصب من أي نوع، لكنها مصر التي تؤكد للعالم بأسره بأن الدور الإنساني لا يرتبط بأي ظروف سياسية أو اقتصادية، ومن ثم استطاعت مصر الجديدة أن تخطو خطوات كبيرة ومؤثرة وفاعلة في هذا الأمر.
وقامت مصر خلال الفترة الماضية، بإرسال العديد من المساعدات الطبية والغذائية للعديد من الدول، سواء دول بالجوار، أو دول عربية، أو إفريقية، بل وصلت إلى إرسال مساعدات لقوى كبيرة تعرضت لأزمات وكواراث طبيعية، لنجد موقف مصر الداعم عبر طائرات محملة بالاحتياجات الطبية والغذائية.
في هذا الصدد، قد يتحدث البعض عن صعوبة الظروف والأوضاع الاقتصادية الراهنة التي تأثرت كثيراً، سواء بعد يناير 2011، أو العواقب الوخيمة لأزمة فيروس كورونا، ومن ثم صعوبة تحمل الاقتصاد المصري لمثل هذه النفقات، وقد يتحدث البعض عن أن بعض الدول الكبرى التي تم إرسال مساعدات لها منذ أشهر قد لا تكون في حاجة لها، خاصة أن اقتصاد بعض هذه الدول أكبر وأقوى من الاقتصاد المصري، فلماذا هذا الموقف؟!.
والإجابة لم تكن معضلة للكثيرين، لأنها ببساطة تعبر عن الطريق الذي تنهجه مصر منذ 30يونيو، لإعادة الدور الريادي لها، ولتصحيح أخطاء سنوات مضت لم تكن فيها مصر حاضرة بالشكل المطلوب خارج الحدود لأسباب كثيرة، إلا أن تبنت مصر الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي نهجاً مختلفاً عما سبق، يحمل رسائل التضامن والدعم والمشاركة في مواجهة الأزمات.
كما تأتي الإجابة بأن علاقات الدول ببعضها البعض، تشبه في كثير من الأحيان علاقة الأفراد ، أو العائلات ببعضها البعض، ففي وقت الأزمات، ننسى الماضي بما يحمله من أخطاء أو خلافات لنرى جميعاً كيفية مواجهة الأزمة وتوفير كل سبل الدعم لغيرنا، سواء أصدقاء أو جيران، أو الأهل، أو لأي مواطن لا نعرفه يتعرض لأزمة كبيرة.
وبالتالي لم ينظر القادر على تقديم الدعم إلى ظروفه، أو قدرة الطرف الذي تعرض للأزمة على تجاوزها من عدمه، بقدر ما ينظر إلى حتمية المساعدة والدعم، والقيام بالدور الإنساني النابع من الإرادة والمشاعر الداخلية التي وضعها الله سبحانه وتعالي في خلقه..وهكذا علاقة الدول ببعضها.
وحملت مصر الجديدة على عاتقها، أخطاء الماضي، ومتطلبات الحاضر، وضروريات المستقبل، وذلك عبر رؤى ثاقبة، تتطلع لما هو قادم، بناءً على ما هو قائم، وتعرف كيف يكون الدعم ولمن ومتى، دون تهويل أو تهوين، أو الابتعاد عن المسرح العالمي، أو الاكتفاء بمجرد بيان شجب أو المواساة في مثل هذه المواقف وأعتقد أن تلك الخطوات لاينكرها إلا جاحد.
لقد استطاعت مصر خلال السنوات الماضية، بمواقفها المشرفة رغم ظروفها الصعبة، أن تؤكد لنفسها سمة الإنسانية تجاه الآخرين دون أي حسابات خلال الأزمات، وعلى كل مصري الشعور بالفخر تجاه طائرات وطنه المحملة بالمساعدات هنا وهناك، فمصر طوال تاريخها تتسم بالعطاء حتى في أصعب الظروف، وستظل كذلك رغم أنف الجميع..ستظل مصر الكبيرة، مصر العربية الإفريقية الإسلامية، مصر الإنسانية، مصر الحاضرة في كل مشهد ومحفل، مصر التي تضئ طريق الأمل وتقدم يد العون للجميع.
التعليقات