ليست وظيفة يستطيع أن يشغلها كل الأشخاص، وليست صفة عادية يمكن أن يمتلكها أغلب الناس، ولكنها نعمة وميزة عظيمة لا يستحقها كثيرين .
تربينا على وجود كبير العائلة وهو غالبا رجلا وقورا يحترمه الجميع، تختلف مكانته وسلطاته من بيئة لاخرى ولكنه فى النهاية رجل المستحيل بدون اكشن أو مقدمات درامية، ولكنه رجل هادىء الطباع فى العموم ويملك رصيد خبرة يؤهله لتقلد هذا المنصب، ليس شرطا مقدرته المادية ولكن حنكته ووسطيته تمكنه من الإجادة فى تلك الوظيفة الشديدة الصعوبة، فهو رجل المهام الصعبة الذى يستوعب ويحتوى نفوس كل عائلته مهما كانت متجنية او ضحية فهو ينصر الضعيف ويقوم المتجبر.
أخص بالذكر هنا كبير العائلة بالمدن وليست القرى أو القبائل فتلك البيئات نجد هذه المكانة تبنى على مر السنين وأحيانا تختص ببعض العائلات دون غيرها، ويظل كبير العائلة سلسال يمتد لابنائه ويتربون على أهمية هذه المكانة والحفاظ عليها لدرجة أن تتهدد قوة بعض العائلات بزوال كبير العائلة لعائلة أخرى.
ولكن فى المدن الحياة السريعة التى لا يتوقف فيها البعض لينظر للأخرين أو يشاركهم الرأي، ولكن إحقاقا للحق تلك المكانة تراجعت واندثرت فى بعض المدن، فلو رجعنا لسنوات طوال سنجد فى أفلامنا ومسلسلاتنا تلك المكانة وهذا الرجل، ولها أمثلة عديدة من بحث أمور كافة العائلة وصلة الرحم مع الجميع بل والمشاركة فى عبور أزمات كثيرة وبدون دعوات مباشرة من أصحابها .
مع مرور الوقت وضغط الحياة الاقتصادية أحيانا وتباعد العلاقات الإنسانية بين الاقارب واندثار فكرة الجيرة وتشابكها مع صلة الدم أصبحنا بدون كبير للعائلة وصارت بعض العائلات مثل الجزر المستوحدة داخل مفرمة الحياة اليومية .
إرتفعت وبدون مبالغة نسب الطلاق وصارت المشكلات تتفاقهم ولا أكون مبالغة إذا أشارت لزيادة نسب الانتحار أحيانا، لأن الجيل الجديد لم يعش فترة كافية يدرك فيها أهمية كبير العائلة، فصار عند البعض هو رجل (حشرى) يتدخل فيما لا يعنيه ويعتبر نفسه كبيرا على من هم أفضل منه وتغيرت مقاييس كبير العائلة، فصارت أحيانا المقدرة المادية والغنى هما المعيار لحمل تلك المكانة العظيمة وصار كبر السن عند البعض عيبا وبعدنا مسافات عن شباب وشبات الجيل الحالى فهذا رجلا لا يفهمنا ولا يدرك إحتياجتنا .
أشير هنا أغلب الوقت أنه رجلا لأن المرأة لا تتقلد تلك المناصب بسهولة ولكن لها معايير وظروف خاصة وقد تكون هى الجدة الكبيرة التى يحترمها كبير العائلة ويتشاور معها ونجدها الجندى المجهول خلف إبنها او زوجها او أخيها ولكنه يستحسن رأيها ولا يصرح بذلك للجميع .
لا يعنينى كثيرا نوع وجنس كبير العائلة ولكنى أهتم كثيرا بعودة هذا الرجل وأن نجد فى العائلات كلها كبير نلجأ إليه وقت الازمات ووقت الحيرة نتشاور وكأنه مجلس عائلة مصغر مثل مجلس الأمناء وأن يقفوا جميعا معا صفا واحد لصالح كل العائلة، وتخيلوا معى لو عادت تلك المكانة مرة أخرى للعائلات فى وطننا كم من مشاكل لن توجد بهذا الحجم وكم من مواقف سيتم إحتوائها ومعالجتها قبل إنفلات الامور.
اتمنى من الجيل الحالى ان يتشبث بعائلته وأن يعتبرها ملجئه وملاذه والا يتغرب عنها فى نفس المدينة فالعائلة هى الام التى تتشكل على مراحل وفترات وكلما زادت وكبرت صارت أدفأ وأحن علينا من الجميع، فالعائلة هي المجتمع ونغفل أحيانا تلك الحقيقة رغم أهميتها.
التعليقات