استوقفنى كما أعتقد أنه استرعى انتباه عدد لا يستهان به الفيديو الخاص بالشابة الحاملة للجنسية الفرنسية سورية الأصل (منال ابتسام) والتى أعجبنى صوتها الرقيق كما أبهر لجنة التحكيم فى برنامج "ذا فويس" النسخة الفرنسية، وكان الحكام يتخطفونها لتكون فى فرقهم بالبرنامج وانتشر الفيديو الخاص بها ووصل مشاهديه للملايين بل وتحدثت عنها بعض القنوات العربية والفرنسية مع العلم أن صوتها رقيق ومحبب للاستماع وليس بصوت معجزة.
ورغم ذلك فوجئت بخبر إنسحاب "منال" من البرنامج، وفى البداية ظننت السبب هو هجوم بعض المؤيدين لليمين المتطرف بفرنسا لكونها محجبة أو لنقل محتشمة وهو أمر مرفوض ارتداء ملابس تحمل رمزا دينيا وتوقعت أن الثورة عليها بهذا السبب ولكن الواقع كان مختلفا فالمعاناة التى مرت بها منال كانت بسبب تغريدات على "تويتر" تضمنت آرائها بخصوص العملية الإرهابية في مدينة نيس الفرنسية عام 2016 والتى راح ضحيتها مئات من الأبرياء، وفى تلك التغريدات على الـ"سوشيال ميديا" حيث اتهمت دولة فرنسا بأنها دولة إرهابية وأن ما يحدث هو نتاج للفكر الإرهابى بفرنسا.
وقد تسبب الجدل حول هذه التغريدات في أن تفضل هي الانسحاب بعد أن شعرت بأجواء غير موضوعية تمنعها من الاستمرار في المسابقة والبرنامج.
وقد استرعى انتباهي بعض النقاط فى تلك المسألة، هل فرنسا دولة الحريات التى ترفض مجرد أن يكون الزي رمزا دينيا ويولد العنصرية ترفض رأيًا لمواطنة فرنسية تعيش على أرضها؟ وهل منال هى المواطنة الوحيدة فى فرنسا التى انتقدت بعض السياسات التى يمكن من وجهة نظرها أن تساعد على رعاية الإرهاب أو تفرزه؟ أم أن أصل منال السوري ساهم في التمييز ضدها والحكم عليها؟.
منال ابتسام سورية الجنسية أصلها عربى ترتدى زيا يشبة زى المحجبات وتتهم فرنسا بأنها دولة الإرهاب.. تلك المعطيات هى المتصدرة للمشهد والتى قد تأخذ منال لمنعطف الاتهام بالقيام أو التحريض على الأعمال الإرهابية، وتعالوا نتخيل لو كانت المتسابقة مواطنة فرنسية الأصل وترتدى ملابس مثل أهل بلدها وتم استرجاع أرشيفها على الـ"سوشيال ميديا" كانت حتما ستحدث زوبعة ولكن لا أظنه إعصارًا كالذى واجهته منال.
النقطة الأخرى هي أهمية الرأي وتحمل نتائجه فكم من شخص يتحدث ويتسرع وقت الأزمات والأحداث العصيبة ليكون فى مقدمة من يدلون بدلوهم ويغيب عن أكثرهم حقائق تم إكتشافها بعد ذلك فيصيروا بين قوسين أو أدنى من مذبحة الشخصيات وحرقها وكانوا إما يحتمون بحرية الرأى أو يعتذرون وهذا ما فعلته منال عند انسحابها وأكدت أنها نادمة على ما قالت! لست أدرى هل اعتذرت إحتراما لحقائق أم إحتراما لشعب فرنسي تحمل جنسيه بلاده أو تخوفا من ردود أفعال قد تهدد حياتها؟.
مهما إختلفنا مع قضية منال ابتسام أو رأينا الشخصى فيها علينا أن ندرك أن الكلمة كالسيف قد تقطع أحبال غيرك أو أحبال صوتك وتصير كما يقولون "مبرراتى" لأفعالك طوال الوقت وأجد أن واحة الأمان هى التريث فى إصدار أى أحكام أو آراء فى أمور لم تتكشف تفاصيلها بعد، وعلينا أن نكون واثقين أن الدول التى تنادى بالحرية للرأى لها حدود وخطوط حمراء تنذرك بأخطائك من وجهة نظرها ولها مردود قد تظنه هينا وهو عظيم.
التعليقات