كهوف ومغارات
يُعرَف الكهف بأنه حجرة أو قاعة من الحجر الجيري عالية السقف، ومن النادر جداً أن تشكل من أي نوع آخر من الصخور، بينما المغارة عبارة عن تجويف تحت سطح الأرض، وقد تكون ذات أعماق سحيقة تشمل فوالق وطيات وبحيرات وظواهر طبيعية، مثل: الهوابط والصواعد، والتي تتشكل على مر السنين من أملاح كربونات الكالسيوم.
الحياة داخل المغارات:
ووسط ظلام هذه المغارات الدامس، توجد تشكيلة من الكائنات الحية معظمها فاقد حاسة البصر، وتأخذ اللون الأبيض(عدو الشمس)،ولهم أطراف طويلة جداً بالمقارنة لمثيلاتهم على سطح الأرض، وهذه الأطراف تستخدم في تحسس ،واستشعار خطاهم أو تحركاتهم ،ولديهم أيضا حاسة بالغة القوة، حيث يشعرون بالذبذبات حولهم مهما كانت ضعيفة،.
ومن هذه الكائنات ،نوع من ثعبان السمك ،لون جلده كلون بشرة الإنسان تماماً ،وطوله ثلاثون سنتيمتر، ويتنفس الهواء خارج و داخل الماء، وهو منتشر في مغارات شرق أوروبا…،ويعيش فيها أيضا جمبري "الاباما" ،والذى يتغذى على فضلات الخفافيش، كما نجد في تلك المغارات أصغر عنكبوت في العالم ،والذى يبلغ طوله مليمتر ونصف ،وهو أعمى ذو أطراف طويلة.
أماكن انتشار المغارات والكهوف، وأشهرها:
أغلب المغارات والكهوف الهائلة تقع بأوروبا ،وآسيا، وأمريكا الشمالية، ويتوقع علماء الجيولوجيا اكتشاف مغارات و كهوف ضخمة بالصين، والتي يقع بها أكبر تجمع حجر جيري في العالم .
مغارة "ماموث":
تقع أشهر وأطول مغارة في العالم بولاية "كنتاكي" بالولايات المتحدة الأمريكية، والمعروفة باسم "ماموث"( الفيل الأسطوري المغطى بالشعر، والذى عاش على الأرض في العصور السحيقة، وانقرض)ويبلغ طول هذه المغارة -دون مبالغة- خمسمائة وتسعة وسبعين كيلومترا(أطول من المسافة الفاصلة بين القاهرة، وشرم الشيخ )،وبعض قطاعاتها تقع على عمق مائة وخمسة عشرة متراً،
وقد عثر داخل هذه المغارة هياكل محنطة للإنسان الأمريكي الأول ،والذى عاش بهذه القارة قبل اكتشاف "كولومبوس" لها، وتأتي هذه المغاراة ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي ،وتشهد إقبالا كبيرا من السياح، تحت الإشراف الصارم لعلماء البيئة والجيولوجيا ،
أما مغارة(أوبتيمستيكنا)والواقعة في أوكرانيا فتأتي في المرتبة الثانية طولا في العالم ،إذ يبلغ طولها مائتين و أربعة عشرة كيلومترا، في حين تعد مغارة "كروبيرا بأبخازيا" بدولة جورجيا أعمق مغاره تحت سطح الأرض ،حيث تقع على عمق كيلو مترين وثمانين متراً ،.
مغارة "ليتشوجيا"
تعد مغارة "ليتشوجيا" الواقعة بولاية "نيوميكسيكو" بالولايات المتحدة، أشهر المغارات في العالم ،من حيث التضاريس والتشكيلات النادرة، ورسومات إنسان العصر الحجري ، وتأتي هذه المغارة في الترتيب العالمي الخامسة من حيث الطول ،إذ يبلغ مائة وثلاثة و ثمانين كيلو مترا، في حين تقع على عمق أربعمائة وتسعة و ثمانين متراً ،
ويوجد داخل هذه المغارة كهف يلقب بقاعة النجف ؛لأن تكوينات الجبس الزجاجية تشكلت بأشكال هندسية رائعة تتدلى من السقف بطول سبعة أمتار، وكأنها ثريات بالغة الجمال ،وهى من ضمن أشهر ألغاز الطبيعة ،.
كما يلاحظ عند دخولها تغير ضغط الهواء بصفة مستديمة، لدرجة أن الهواء يندفع منها بسرعة سبعين كيلو متر في الساعة ،وبهذه المغارة بحيرة تلقب بـ"لابارج" على عمق ثلاثمائة متر، ولكونها معزولة ؛فالمياه بها بالغة النقاء لدرجة أن الناظر لها لا يتخيل وجودها ؛من شفافيتها و ثباتها وهى مياه صالحة للشرب، وأشبه البحيرات بهذه البحيرة ، واحدة توجد علي عمق حوالي خمسين مترا أسفل سطح الأرض بمنطقة "بنينا" المجاورة لمطار بنغازي بليبيا ،وبها كائنات ميكروسكوبيه تعيش في هذا الظلام الدامس و الظروف القاسية ؛فتتغذى على المعادن الملتصقة بجدران الكهف ،الأمر الذي يسبب التغيير الدائم لمعالمه، كما تفرز هذه الكائنات حامضا كاويًا يأخذ أشكال مخاطية ،إذا لامست جلد البشر تحرقه.
مغارة "لاسكو":
تعتبر مغارة "لاسكو" بغابة "فيلونير" بفرنسا ،والتي اكتشفت عام ألف وتسعمائة وأربعين ،ثاني أشهر مغارة ،من حيث الندرة والجمال ،إذ تضم أروع رسومات إنسان العصر الحجري، الذى عاش بهذا الكهف منذ سبعة عشرة ألف سنة ،واستمرت حياته فيه حوالى ألفي سنة متواصلة ،ويوجد بهذه المغارة عده قاعات :
إحداها، تضم ستمائة رسم ملون ومنحوت للغزلان والخيول والدببة ،وفصائل من ماشية انقرضت ،وثانيها، مغطاه برسومات لإنسان يصطاد، وثالثها، تضم رسومات هندسية غير مفهومة ،حتى يومنا هذا، ورابعها، تشمل نحت لسته قطط ،وقد تم منع زيارتها منذ أربعين سنة ،بعد أن تدهورت الرسومات والألوان ،وتم تزويدها بأجهزة كومبيوتر ؛لمراقبة الرطوبة والحرارة ، الأمر الذي دفع الحكومة الفرنسية بتشييد "لاسكو" أخرى ،عبارة عن نموذج مشابه تماما للمغارة الأصل من حيث الحجم و التشكيلات و الألوان و الحفر و الرسومات ،.
ومن أشهر المغارات في عالمنا العربي، مغارة "أنوإفليس" بالجزائر ،والتي تأتى في الترتيب العالمي رقم ستة وأربعون، وتقع على عمق ألف ومائة و سبعين متراً ،وطولها كيلو مترين.
وفي سلطنة عمان، كهف "مجلس الجن"، حيث يوجد به فجوه هائلة عمقها مائتا متر من الصخور الجيرية ،وهذا الكهف به بحيرة مياه طولها ستون متراً ،ويقوم خبراء دوليون استكمال اكتشاف باقي هذا الكهف العميق ،وإعداده للنشاط السياحي البيئي.
أما هنا ،على أرض مصر الكنانة ،فنمتلك عدد من المغارات و الكهوف البالغة الثراء جيولوجياً و تاريخياً ،وعلى رأسها كهف "وادى سنور" بمحافظة بنى سويف بالصحراء الشرقية ( محمية طبيعية )،وهو كهف يقع بباطن الأرض ،وسط عروق "الأبستر" الجميلة ،ومساحته كبيرة جداً لم تحدد أبعادها بعد ؛لوجود كم هائل من الرمال داخلها و بها تركيبات جيولوجية من أملاح كربونات الكالسيوم معروفة باسم الصواعد والهوابط تكونت منذ ستين مليون سنة .
كما يوجد كهف آخر ، بواحة الفرافرة بالصحراء الغربية، ويضم أيضاً صواعد و هوابط، وبأرضية هذا الكهف شق يزداد اتساعاً مع الزمن ،ثم هناك عدد كبير من الكهوف والمغارات الرائعة الجمال بمنطقه "العوينات" و"الجلف الكبير" جنوب غرب مصر ،أشهرها مغارة "السابحين" وكهف "لاما" ،وكهف "المستكاوي" ،حيث تضم آلاف من رسومات وحفريات الإنسان المصري الأول ،لكنها للأسف طالتها يد الإهمال ،وفي طريقها للزوال و الاندثار.
محمود القيسوني
(الخبير الدولي - السياحة البيئية)
التعليقات