فيلم درامي أمريكي قصير أنتج عام 1989 وكتبه وأخرجه آدم ديفيدسون في عام 2013، وهو عمل سينمائي يجمع بين البساطة والعمق لطرح قضايا اجتماعية وإنسانية بطريقة رمزية. والفيلم من بطولة سكوتي بلوخ في دور السيدة الأرستقراطية وبول سارنوف في دور النادل، وكليبرت فورد في دور رجل المطعم. مدة الفيلم 10:24 دقيقة.
وقد تم اختيار الفيلم للحفظ في السجل الوطني للأفلام بالولايات المتحدة من قبل مكتبة الكونجرس باعتباره "مهمًا ثقافيًا أو تاريخيًا أو جماليًا".
ويتناول الفيلم قضايا التحيز الطبقي والعرقي في المجتمع، والتناقضات التي قد يعيشها الأفراد بين مواقفهم الأخلاقية وقناعاتهم الداخلية. ويسلط الضوء على الأحكام المسبقة والفهم الخاطئ للأمور دون التثبت، وتدعونا للتفكير في طبيعة التفاعل الإنساني مع "الآخر".
ويحكي الفيلم عن لقاء عابر بين امرأة بيضاء ثرية تدخل إلى محطة قطارات (جراند سنترال) وتصطدم برجل أسود فتسقط اغراضها، ترفض محاولته لمساعدتها في جمع أغراضها، ويتسبب ذلك في أن يفوتها القطار، عندما تغادر المحطة لا تجد محفظتها. تتجه إلى الكافيتريا وتأخذ سلطة وتدفع ثمنها بعد أن تخبر النادل أنها قد لا يكون لديها ما يكفي من المال. بعد أن تجلس، تدرك أنها لم تحضر أدوات المائدة، فتذهب لإحضار شوكة. وعندما تعود، تجد رجلاً أمريكيًا من أصل أفريقي يبدو مشردا يجلس ويأكل سلطة. تعتقد ان طبق السلطة هذا يخصها وانه سطا عليه، تجلس قبالته، لكنه يتجاهلها في البداية، ثم يضحك على احتجاجاتها المستمرة عليه.
تحاول أن تأخذ منه السلطة فيضرب بقبضته على الطاولة ويصرخ، مما يخيفها. تراقبه للحظات، ثم تبدأ في تناول السلطة معه من نفس الطبق، وهو لا يوقفها، وبعد أن ينتهيا يحضر الرجل لها القهوة، تتردد في قبولها، ثم تبدأ في احتساء أول رشفة، لكن تغادر المطعم بسرعة. تتذكر حقائبها فتعود لتأخذها فتلاحظ ان حقيبتها في المقصورة الثانية وبجوارها طبق السلطة خاصتها لم يقترب منه أحد، تدرك خطأها وتغادر المطعم مسرعة لتلحق بالقطار الآخر.
الفيلم بسيط، لكنه محمل بالدلالات. يبدأ بعرض شخصية المرأة التي تبدو متسرعة وفاقدة للتركيز، تواجه بعض العقبات البسيطة (مثل فقدان حقيبتها ونسيان المال)، مما يضعها في موضع "المحتاج" بدلًا من موقعها التقليدي كمنتمية إلى طبقة ميسورة. الحادثة المحورية في الفيلم – عندما تتناول طعامها مع رجل مشرد اعتقدت خطأً أنه أخذ وجبتها – مما يعكس الصدام بين توقعاتها وانطباعاتها المسبقة عن الآخرين. ويبرز ذلك أن لا فرق بين البشر على أساس اللون فكلنا نمثل الانسانية التي لا تستغني عن التعايش مع بعضها البعض.
الفيلم يحتوي على عديد من الرموز ذات الدلالات:
فالطعام يرمز إلى الاحتياجات المشتركة التي توحد الجميع بغض النظر عن الخلفيات الاجتماعية والتفريق العنصري المقيت.
كما تشيرالمحطة إلى المجتمع كمساحة تتقاطع فيها حياة الأفراد على اختلافهم وتنوعهم.
والفوضى العارمة التي تعيشها المرأة بتفاصيلها المتعددة تعكس الفجوة بين الصورة الذاتية التي تحملها عن نفسها وبين الواقع الذي تعيشه مع الآخرين على اختلافاتهم.
وعدم الكشف عن أسماء الشخصيات يعزز الطابع الرمزي للفيلم، وفيه إسقاط على المجتمع ككل.
واستخدمت زوايا الكاميرا بشكل يعكس التوتر وعدم التوازن النفسي للمرأة، وتظهر اللقطات القريبة ردود فعلها المبالغ فيها، وكانت أجواء المحطة معتمة نسبيا مما يشيع جوا من الغموض والتوتر ويبرز طبيعة المرأة المتشككة، كما تبدو محطة القطار مزدحمة وفوضوية كرمز للتنوع الاجتماعي والفروقات بين الطبقات.
ويرسل الفيلم رسالة عميقة عن أهمية مواجهة الأحكام المسبقة وإعادة التفكير في كيفية تعاملنا مع "الآخر"، كما يكشف بطريقة غير مباشرة عن تناقض الإنسان بين تصوراته الذاتية وسلوكياته الفعلية.
يستخدم الفيلم السرد البصري والحوار البسيط لتسليط الضوء على قضايا اجتماعية وإنسانية، لكنه يثيرأسئلة أكثر مما يقدم إجابات، مما يدفع المشاهد للتفكير بعمق في مواقفه وتحيزاته الشخصية، لذلك أرى أن فيلم (The Lunch Date) هوعمل يستحق التقدير، وجدير أن تقتطع من وقتك عشر دقائق لمشاهدته..
التعليقات