أحيانًا، لا تُبصر الوجهة إلا بعد أن تُغلَق جميع الأبواب في وجهك، ولا يُضيء الدرب إلا حين تنطفئ كل العلامات المألوفة.
تمضي بخطى مترددة في مسارات لا تشبهك، فتتوه لا عن المكان فقط، بل عن نفسك أيضًا…
لكن في ذلك الضياع سرٌّ خفي، كأنه غربلةٌ للنية، أو تمحيصٌ للرؤية، أو لعله شرطٌ خفي للدعاء أن يُستجاب!
هناك، في أقصى زوايا التيه، حين تخفت كل الضوضاء، تبدأ أخيرًا بسماع الصوت الوحيد الذي كان ينتظرك منذ البدء: صوتك الداخلي.
حينها فقط، تُدرك أن الطريق لا يُمنح جاهزًا، بل يُنحت من داخل حيرتك، ويُشقّ بأظافر اليقين في وجه العتمة.
ليس لك أن تجده… بل أن تصنعه.، حين لا يبقى لك سوى حدسك يُشير إليك بإيماءة غامضة، لا بخريطة، ولا بوعد… بل بإيمانٍ خافت لا يُفسَّر..
كأنك لم تُخلق لتصل… بل لتبحث.
لتذوب في السؤال أكثر من توقك للإجابة.
لتسير لأن في السير حكمة، حتى وإن لم تعرف الغاية.
كأن الطريق لا يُفصح عن ذاته إلا لِمن يترك قبضته مرتخية، ويكفّ عن مقاومته، ويُسلّم أمره، لا من ضعف… بل من قوة من وثق بما لا يُرى.
التعليقات