فى الوقت الذى تحتفل فيه مصر المحروسة من كل الشرور بالذكرى الخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة التى بذلت فيها قواتنا المسلحة التضحيات الكبرى والغالية لاسترداد أرضنا وعرضنا وكرامتنا، هناك أكثر من ٥٠ صراعًا واضطرابًا إقليميًا يحدث جوارها، فقد نشرت مجموعة الأزمات الدولية تقريرًا مطولًا عن الصراعات والأزمات التى تتعين مراقبتها فى النصف الأخير من عام ٢٠٢٤، كما أصدرت لجنة الإنقاذ الدولية قائمة مراقبة الطوارئ الخاصة بنهاية العام والتى توثق الدول الأكثر عرضة لخطر التدهور الأمنى.
وأخيرًا أعلن مؤشر السلام العالمى الذى نشره معهد الاقتصاد والسلام عن تدهور مستوى السلام حول العالم، وتحديدًا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتى بدأت بحروب مشتعلة فى قطاع غزة والسودان وإثيوبيا وجنوب لبنان واليمن وبعض المناطق السورية التى لا تخضع لسيطرة الحكومة، وبكل أسف لم تنجح الجهود الدبلوماسية فى إنهاء الاقتتال، مما أدى إلى استمرار التضخم فى الارتفاع واحتمالية التعرض لخطر ركود عالمى، حيث إن قادة بعض الدول يسعون لتحقيق أهدافهم بالطرق العسكرية، مما سيترتب عليه خسائر اقتصادية واجتماعية وإنسانية فادحة، وهذا يحدث فى الوقت الذى نرفع فيه راية النصر، نصف قرن تقديرًا لجيشنا الباسل الذى أباد عدونا ولا يزال يحبط المخططات التدميرية قبل أن تنال منّا. فتعالوا معى نتأمل بعضًا من عناوين الأخبار العاجلة التى تخص أوضاع جيراننا لنحمد الله على دوام استقرارنا..
«الحرب على غزة يمكن أن تشعل فتيل مواجهة إقليمية بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل – استمرار الهجمات الوحشية على القطاع ينبئ بمخاوف من تصعيد الصراع إلى دول أخرى فى المنطقة - أخطر النقاط الساخنة فى مثل هذا الوضع المتدهور هى الحدود بين إسرائيل ولبنان - ارتفاع وتيرة التصعيد العسكرى فى جنوب لبنان من جراء القصف الإسرائيلى - العدوان الإسرائيلى على اليمن أسفر عن قتلى وجرحى مدنيين وليسوا حوثيين - من أهم أسباب العدوان إرغام اليمن للتوقف عن مساندة غزة - شبح الإبادة الجماعية يهدد أقاليم فى السودان – إذا انهارت السودان ستكون هناك تداعيات عنيفة على مناطق الساحل والقرن الإفريقى والبحر الأحمر – النزاع المسلح فى السودان أدى إلى نزوح ملايين الأشخاص هربًا من جحيم الحرب – العلاقات المضطربة بين إثيوبيا وإرتيريا إلى أين!؟ - هل الصراع الكردى الإيرانى له نهاية!؟ - استمرار الحروب الأهلية فى ليبيا وسوريا والعراق إلى متى!؟ - تدفق اللاجئين من مناطق متفرقة فى الشرق الأوسط إلى مصر هربًا من الحروب العسكرية والاضطرابات السياسية والأزمات الاجتماعية والصعوبات الاقتصادية.
أما وبعد كل هذه العناوين المركبة فنحن بكل تأكيد وقناعة أفضل حالًا وأهدأ بالًا من كل المحيط، البلد دى أحسن من غيرها، صحيح نشكو من الغلاء، لكن السلع متوفرة، وهناك بدائل لها بأقل الأسعار فى منافذ وفرها الجيش وبالتالى لا نعانى من التقشف، صحيح نشكو من التكدس المرورى لكننا نصل إلى أشغالنا بالطرق البديلة والكبارى الدائرية دون التعرض لأعمال شغب أو عنف من متآمرين وخونة، صحيح نشكو من التضخم السكانى لكننا أحياء نرزق صباح كل نهار لا تواجه إبادة جماعية، ومعنى ذلك أنى لا أنكر وجود مشاكل اقتصادية تخص سريان المعيشة وما يترتب عليها من آثار اجتماعية شائكة لكن على الأقل هى ليست حروبًا كبرى تؤثر على بقائنا أو عدمه، ففى الوقت الذى نحتفل فيه بمصرنا وننتصر فيه لعزتنا هناك شعب شقيق يجتر الآلام بمرور عام على تعرضه للقصف والقتل والجرح ولا يمكن أن ننساه ولا نملك سوى كلمات قصيدة (وا أمتاه) للشاعر فيصل الشريف دعمًا لقضيتنا جميعًا الفلسطينية.
قصيدة «وا أمّتاهُ»:
وا أمّتاهُ الصَّمتُ قدْ أردَانا / إنا سَئمْنا الجُورَ والطُّغيَانَا / سفَكَ العُدَاةُ دمَاءَنا فى غَزّةٍ / والغَربُ قدْ كانُوا لهُم أعْوانَا / فالحَقُّ والعدْل الذِى يرجُونهُ / فى شرْعِهم نصَبُوا له مِيزانَا / أنْ يُقتلَ العربيُّ ليس تجنّيًا / فالعدلُ فى أن يُكثِروا قتلانَا / لكنَّما الغَربىُّ قطْرةُ دمّهِ / قدْ عادَلتْ من دمٍّنا أطْنانَا / قيمٌ لهُم لايُغرينّكَ زيفُها / هى كالسّرابِ يُراوِدُ العطشانَا / تحتَ النّعالِ مبادئُ وشرائعُ / دُسْنا على أعنَاقِها بخُطَانا / فنضَالُنا إرهَابُ فى قَامُوسِهم / إذ نفْتَدى بدِمَائنَا الأوْطَانَا / وحقوقَ إنسَانٍ لنا قدْ زوَّروا / لاحقَّ فيهَا غيرَ سفكِ دمَانَا / عشْنا نلُوك سَلامَهم أكذُوبةً / ونُصدّق الأوغادَ والذُّؤبانَا / والغربُ للمُحتَلّ يُهدى مِدفَعّا / كى يقتُلَ الأطْفالَ والنسْوانَا / نتَجرُعُ الظُّلمَ المُهينَ مَرارةّ / واليومَ صِحنَا يأُخيْ كفَانَا / آنَ الأوَانْ لأنْ تُجيبَ فِعالُنا / فرجالُ غزّةَ زمْجَرُوا طُوْفَانَا / لبيكَ يا أقصى دوىُّ حناجرٍ / لم ترتضِ الإرهابَ والعُدوانَا / ستظلُّ فى نبضِ الشعوبِ قضيَّةُ / تستنهضُ الأرواحَ والوُجدانَا / بئسَ السّلامُ / إذَا السّلامُ سلامُهُم / وا أمّتاهُ ألا استفيقِى الآنَا
التعليقات