بين الحين والآخر أعطى لنفسى إجازة من كتابة المقالات وأعتبرها استراحة قصيرة أعود بها إلى معشوقى الشعر، فأنا أكتب منذ سنوات طوال شعرا بالعامية ونثرا بالفصحى ولى ديوانان، الأول هو «الشاطر مش حسن» والثانى هو «يا حلاوة المولد»، واليوم أشارككم بعضا منه، عَلّه يحوز إعجابكم، فأنا أجد فى الشعر ذاتى وملاذى..
• عَبّادة الشَّمس
أَنا وَأَنتْ
مصرُ... التى من أجلها تُشرقُ الشمسُ
وعُصورُ بَيْنَنَا وعُهود شتى مَتنَاغمِة
فى البَدء تَمخّض التَّاريخُ
وأسفرنا نقوشًا فِرعُونيّة
آتيةً فى رِحاب مَوكبِ الشَّمسْ
آمونِ أنتَ وكُنت أَنا عَرُوسَ النيل
الغَارقَة فى النَّهرِ المُقَدس
نُتَمِتم بتعويذة الخلُود
ثُمَ جاء مِيلادُ العصور الوُسطى
ليُدشّن أَنَدَلُسيَّة ليالينا الرَّاقصة
ريتشارد قلبُ الأسد أَنتَ وكُنت أنا ﭬِرﭼيِنيَا الجميلة
الهَاربة عَبْرَ مَضِيق جبل طارقْ
تَلوذُ بكَ مِن شَر المُؤامرات الدَنيئة
ومِن بَعْدَها
آتَت سُيوفُ الفَتْح العَربىّ
لتلاقينا أرواحا مُتَحَابية خلف عِراكٍ أصُولىّ
مَمْلَوِكُ إعرابىّ أنت وكنت أنا جَارِية تَتَريّة
نَازحَةً مِن أسوار بَابِل العُنقُودَّية
إلى بَرارى المَحروسةَ الفَاطِمية
حتَّى بَلَغْنا النَّصر الحَديث
على جَبْهَةِ اليَقين بالعودَة
أشْلاء جَرْحَى من طُولِ البعاد
أينَ نَحُنَ الآن فى الزَّمنِ الألفىّ
زَمن العدَّ التَّنازلى
زَمن الفِراق الاضطرارى
قد نكُون أوراقًا نقدية
وربما ألواحا حَجَريَّة
أو أشباح ذِكرى أسطورية
ماذا تَبقّى لنا من أطيّاف حُلمنا
غَير شَمسك وقمرى
• بوّابة النَّصر
يا مَخلوقا مِنْ غَيْر وعُودٍ
لن يَجُودَ الكَونُ بمِثْله
إنَّ المَسَافَة بَيْنَ قَريَتى وقَارَّتِك
أقَربُ مِنْ قُربى إليك
فَلاَ تَبتعد بُعد المَشرق عَن المَغرب
يا حَرّبةً إفريقيَّة تلمع بالسُمرَة
مَغروسَة فى عِظام ذَاكرتى
إنَّ المَسافة بَيْنَ حُرجى ودَواَئِك
أقَرب من شِفائى منك
فَلاَ تَقسوُ قَسوَة الصّقيع فى أيام الوحدة
يا أَقَدم عاصِمةٍ فى الأسير
ملقاه فى القَبو بلا إطِار
إنَّ المَسافةً بَيْنَ خَراَئطِى ومَتَاهَاتك
أقربُ من عثورى عليك
فَلاَ تَرحل رَحيل الطيُور المُهَاجرة إلى الشمال
يا غَريبا تَبْحَثُ عَن وَتد
إنَّ قَدميكَ المُتعَبَتين لَنْ يُريحهما
إلا صِبايا المُسخَّر
لتَجدْيد خَلاياك وتَنشْيط دَورَاتِك
والعُبور بأزمَانِكَ النَّصف عُمْريَّة
مَنَّ عُنقِ زُجاجة اليأسِ
إلى بَّوابة النَّصر
فَلاَ تَتَمادى فى رُقَعتِكَ حتى لا تَخسر
حُدودَك الآمنة
يا صْيَف الفَرَح العَابر
إنَّ وجودوكَ المُوسمى يُفزعنى
وطَيفُك الطّائر المُتنَقِّل
بَيْنَ قِبابى ومَآذِنِ غَيرى يُبِكينى
فَلاَ تَنْحَصر عَن أزمِنتى
وأنا أتوقُ إلى السَكِينة
يا مُغَامِر حَوْلَ الأكَوان
لا يَهدأ ولا يَستَرِيح
لك مِنَّى وَعَد
أنْ نَظَلَّ كما نحن
طِيورًا مُهاجِرة
فى أسراب لا نهائية
نُرَفرفُ معًا فى خَطَّيْن مُتَوازِيين
لا يَلْتَقِيان وأبدا لا يَفْتَرقَان
التعليقات