نحيا واحدة من أصعب الفترات التي تمر بها مصر والمنطقة العربية بصورة أوسع، حروب بدأت ولم تعرف أن تنتهي، معاناة انتشرت كالوباء في أغلب دول الوطن العربي، والدول البعيدة عن الحرب يعاني سكانها من ويلات الحرب النفسية، فأصبح اليوم الجميع يعانون، معاناة لا نرى لها نهاية.
ولكن؛ وكأن هناك أناس على بعد من كل معاناة، لا يعرفون غير المادة ولا يطمحون إلا إلى بضعة قروش زائدة على مكسبهم وإن كان في المقابل سينام أحدهم جائعا. إن جشع التجار أصبح آفة لا مجال لحياة في وجودها، القضاء عليها واجب حتى نستطيع استكمال حياتنا بصورة أكثر استقرارا.
حدثت أزمة مماثلة في عصر الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، حيث أخذ سعر كيلو اللحم في الارتفاع يوما بعد يوم بلا توقف، فثار الشعب غاضبا على التجار مطالبا بحل، فخرج السادات مناديا في شعبه بقرار وقف بيع اللحوم لمدة ثلاثين يوما، فأصبحت عملية بيع وشراء اللحوم تمارس سرا وكأنها محرمة دوليا، فاستقر سعر كيلو اللحم على سعره القديم ولم يتخطاه بقرش واحد.
واليوم ونحن نمر بأزمة ارتفاع في أسعار الكثير من السلع بشكل مبالغ فيه، واتباعا لنصيحة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بمحاربة ما ارتفع سعره بتركه، قرر سكان ثماني محافظات ووصلوا إلى خمسة عشر محافظة بترك استهلاك كل أنواع الأسماك احتجاجا على جشع التجار وارتفاع أسعارها لدرجة غير مقبولة وصلت إلى جنون أسعار أنواع الأسماك التي كانت في متناول أيادي أغلب الطبقات مثل البلطي والبوري. زادت أسعارها إلى ما لا يتحمله أصحاب الطبقة الوسطى.
كان الوضع يتطلب وقفة من الجميع وحدث، حدثت مقاطعة لجميع أنواع الأسماك تحت شعار "خليها تعفن"، مطالبين بخفض أسعار الأسماك بنسبة لا تقل عن ثلاثين في المائة، ارتفعت أسعار قوالب الثلج إلى الضعف تقريبا لزيادة الإقبال عليه بسبب بقاء السمك مع التجار والبائعين لوقت طويل، وأغلق الكثير من التجار محالهم بسبب الخسارة وفساد الأسماك وإن كان غلقا مؤقتا حتى انتهاء المقاطعة، ولكنه غلقا موجعا، ولا تزال المقاطعة مستمرة.
وعلى غرار ما حدث هناك الكثير من السلع تستحق المقاطعة مثل اللحوم والبيض وبعض أنواع الفاكهة، فالاستمرار في شراء تلك السلع يعني الموافقة على ارتفاع أسعارها، ومن يقبل ارتفاع الأسعار لا يشتكي من الغلاء وصعوبة المعيشة.
إن المقاطعة أسلوب تهذيب ... يجب ممارسته تجاه كل من يحاول أذيتنا محليا كان أو دوليا، ولكل سبب غرضه الخاص، ويبقى الهدف الأسمى واحد وهو الوصول إلى جودة الحياة التي نستحقها.
التعليقات