بعد أيام قليلة سيرحل عنا أنقى شهور السنة، لنبدأ رحلة جديدة في انتظار شهر رمضان المقبل أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات ... ولأن الغياب المفاجئ لروحانيات شهر رمضان عن القلب المؤمن بعد تعود وطمأنينة دامت معه لثلاثين ليلة، كافٍ لدخول الوحشة إلى نفسه، منًّ الله علينا بعيد الفطر وجعل الفرحة من أهم طقوسه وشعائره، فأصبحت فرحة دخول العيد تقاوم حزن رحيل شهر رمضان.
تتعدد تقاليد الاحتفال بالعيد من بلد إلى بلد، وبين صغير وكبير، فيبقى العيد عند الأطفال في أزهى صوره، له بريقه وبهجته، ينتظره الطفل من عام إلى عام، ومن ليلته يبدأ الاحتفال وتبدأ الفرحة في الدخول إلى قلبه البريء، وغرفته بزي العيد الجديد، ومنزله الدافئ بضجيج أهله وذويه، ورائحة مخبوزات العيد من صنع يد أمه وأبيه.
وسيأتي العيد نفسه هذا العام على الطفل الفلسطيني، بلا منزل وبلا أهل وبلا أصحاب وبلا ملابس وبلا طعام وبلا فرحة.
العيد الذي يأتي بفرض زكاة، الفرض الواجب على كل مسلم يملك قوت يوم وليلة في منزله، وهذا من أجل رفع حرج السؤال عن الفقراء في العيد، للتفرغ بالاحتفال به.
لقد شذ الواقع عن السيطرة، واقتربت القدرة على التحمل من النفاذ، وليس الصبر والعياذ بالله، فالصبر لدى العرب متصل بمنبع دائم عند الله سبحانه وتعالى، ولكن الصبر لا يمنع الحزن ولا يمنع السؤال ولا يمنع السعي في التخفيف من حدة المأساة ... ماذا سيقدم العالم لهؤلاء الأطفال؟! هؤلاء الأطفال مبتوري الأطراف الذين أصبحوا كالغصن الناشف بلا شجرة تمده من روحها وعصيرها.
فالآن وقد بقي يومان على العيد ... هناك طفل باكٍ في كل شبر من أرض فلسطين الطاهرة، ولقد ارتوت الأرض حتى الشبع، وتختلف أسباب البكاء ويبقى الجاني واحد .... ولكن الآثم في حق تلك الأطفال ليس واحدا، فالإثم في رقبة كل إنسان يمتلك قدرة ولو بسيطة في رفع جزء من بلائهم عنهم واختار أن يكتفي بالحزن عليهم، فما قدرتك إلا من عند الله، وما أعطاك الله تلك القدرة إلا ليختبر رحمتك بتلك الأرواح البريئة.
ستنتهي تلك النكبة مهما طالت مدتها، وسيظهر من جديد هؤلاء المنادون بالحرية وحقوق الإنسان وحقوق الطفل، ولكن هذه المرة سينادون ولن يصدقهم أحد، فالتجربة التي هي خير دليل أظهرت نفاقهم على كل مرأى ومسمع.
التعليقات