خُلقت التكنولوجيا لجعل حياة الإنسان أبسط، فتفنن الإنسان في تعقيدها، تفنن في قلب كل جميل فيها إلى قبيح، حتى أصبحت الحياة في وجودها لا تُطاق.
لا يستطيع أحد أفراد الأجيال الجديدة تخيل مدى المجهود المطلوب منك في حياة بلا هواتف عاشتها أجيال سابقة .... لا تعلم مدى صعوبة السعي لإيصال خبر؛ سعيدا كان أم تعيسا لأحد ما، أن تقلق بسبب تأخر ابنك عن موعد رجوعه ويستمر قلقك حتى زوال سبب تأخيره وعودته إلى المنزل، ألا ترى أو تسمع صوت أحد أفراد أسرتك الساكن في بلد آخر حتى مجيئه في إجازة رسمية، أن تشتاق إلى صديق أو حبيب فتبدأ في رحلة طويلة تنتهي بوصول رسالتك إلى الشخص المرجو ثم الحصول على رد بعد عدة أيام تصل إلى أسابيع ... ألا تعلم بخبر إلغاء محاضرتك الأولى، حتى ذهابك إلى الجامعة في التاسعة صباحا.
واليوم ... تفنن الشباب في صناعة تطبيقات وتقنيات؛ حتى لا تظهر إذا كانت الرسالة قد قرأت أم لا، أو إذا وصلت أم لا، الهاتف الذي لا يمر اليوم دون فحصه عدة مرات، أصبح لا يستقبل الرسالة قبل مرور عدة أيام، ثم يأتيك الرد مع اعتذار يعلم ونعلم مدى كذبه، ولكننا نصدقها.
ظهرت بعض مواقع التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتيك توك، بهدف تقديم فرصة للشباب الصاعد بتقديم أفكاره ومواهبه ومشاركتها مع المجتمع، فكيف تحول الأمر إلى استغلال نعم الله في تقديم كل ما هو منبوذ دينيا وأخلاقيا وإنسانيا؟! تستغل البنت جمالها في كسب العديد من المتابعين، ويستعرض الولد بماله للغرض نفسه، زيادة المتابعين الذي يأتي بالعمل السهل في التنفيذ والمبهر في التحصيل؛ من أجل تقديم المزيد، المزيد من الاستعراض، ومن أجل إصابة المزيد من الشباب باليأس والإحباط في حياتهم البسيطة، فكيف لا يقضون عطلتهم الصيفية في جزر المالديف مثلما يفعل الجميع؟!
عودوا إلى الأصل، أنقذوا ما بقي فيه رجا، اتركوا المساخر وتسلحوا بفطرتكم السليمة، فلا قيمة لإنسان يأخذ ثقته في نفسه من وضع إنسان آخر في حرج بترك رسالته بلا رد لأيام، ولا قيمة لإنسان ترك مميزاته الحقيقية وركض خلف الاستغلال والكسب السهل وإن كان بضرر النفوس.
التعليقات