بدأت مصر مرحلة جديدة كليا بعد دخول عمرو بن العاص إليها حاملا راية الإسلام، فاتحا داعيا موحدا عادلا مع المصريين مسلمين ومسيحيين ويهود، فعاش المصريون في ظلال الإسلام الآمنة في هدوء واستقرار.
بعد انتهاء عصر الخلفاء الراشدين، دخلت مصر تحت نطاق الدولة الأموية كخلافة إسلامية، وهي من أكبر الدول الحاكمة في التاريخ، استمرت سيطرتها على البلاد حتى قيام الدولة العباسية ثالث خلافة إسلامية والتي استطاعت أخذ مقاليد الحكم من بني أمية كما سعوا في التخلص من نسلهم فلم ينجُ منهم إلا من فر إلى بلاد الأندلس، لتصبح مصر ولاية عباسية، لم تستطع الدولة العباسية الإمساك بزمام الأمور مثلما فعلت الدولة الأموية، حيث قام في عصرها العديد من الثورات وانقلابات المتمردين على الضرائب الباهظة وتدهور الحياة بهم، فساعد هذا الرفض والكره على قيام دول داخل مصر لكى تنفصل عن الخلافة العباسية، وكانت بدايتها مع الدولة الطولونية ومؤسسها أحمد بن طولون، ثم الدولة الإخشيدية ومؤسسها محمد بن طغج الإخشيد وكان هذا تحديا واضحا مهددا لنفوذ وقوة الخلافة العباسية، ولكن المنافس الحقيقي للخلافة العباسية كانت الدولة الفاطمية الآتية إلى مصر بالمذهب الشيعي وكانت مصر وقتها على المذهب السني مذهب الإمام الشافعي، وكانت العاصمة هي القاهرة حيث أسسها الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، واستمر الوضع إلى مجيء صلاح الدين الأيوبي معيدا مصر إلى الخلافة العباسية أولا ومؤسسا للدولة الأيوبية ثانيا مع عودة المذهب الشافعي مذهبا رسميا للبلاد، ومع زيادة سلطة ونفوذ المماليك التي بدأت في عصر الدولة الإخشيدية ووصلت إلى ذروتها إبان الدولة الأيوبية، استطاع المماليك أخذ حكم مصر من الأيوبيين بعد وفاة نجم الدين أيوب.
ليستمر حكم المماليك لمصر إلى مجيء السلطان سليم الأول لغزو مصر وضمها إلى الدولة العثمانية بالسيطرة عليها وقتل السلطان طومان باي وتعليق رأسه على باب زويلة، لتبدأ مصر أصعب مراحلها على الإطلاق وهى ثلاثة قرون من الجهل والفقر والمرض، سُلبت خيرات المصريين ليتمتع بها العثمانيون لتمر مصر بست مجاعات كلفتها سدس سكانها، سُلب من مصر كفاءاتها من الأطباء وسُمح للطاعون بأخذ الأرواح تباعا وإضعاف تماسك البلاد، سُلب منها أمهر المفكرين والعمال حتى أصبحت مصر وللمرة الأولى في تاريخها بلا صوت يعبر عن مطالب شعبها وحقه في الرفض قبل القبول.
لم ترفع المماليك يدها عن مصر بسهولة فظلت مسيطرة بدرجة كبيرة حتى أصبحت مصر شبه مستقلة عن الحكم العثماني وتحت حكم المماليك، إلى مجيء الاحتلال الفرنسي إلى مصر وتبعه الاحتلال البريطاني فأصبح هناك صراع على السلطة بين قوى ليست بهينة.
ولم تستقر الأوضاع إلا بمجيء محمد علي باشا واليا على مصر حيث استطاع أن يخرج عن دائرة الحكم العثماني تدريجيا طامعا في تكوين إمبراطورية له وقد كان ما طمح إليه، حيث لقب نفسه بمؤسس مصر الحديثة وظل اللقب من بعده ليس خوفا من أحد ولكن لأنه استحقه وعن جدارة.
التعليقات