بعيدا عن الدراما والمسلسلات والأفلام هذه رؤية شخصية مختصرة للفترة التى حكم فيها المماليك مصر ربما نعرف "حقيقة المماليك وحقيقة العثمانيين".
وليس دفاعا عن المماليك ولا كراهية فى الغزاة العثمانيين فهذه رؤية من التاريخ وأحداثه والتاريخ هو الذي يقول لنا الحقيقة:
بدأت دولة المماليك فى عام 1250 ميلادية وانتهت فى عام 1517 ميلادية.
قدر المماليك أن يحكموا مصر فى وقت كانت هناك حملة لويس التاسع الصليبية السابعة قد استولت على دمياط ودخلت فارسكور وكانت فى طريقها للقاهرة فى وقت خلى فيه الحكم بوفاة اخر سلاطين الدولة الأيوبية نجم الدين أيوب او كما كان لقبه الملك الصالح فاستقر الحكم لشجر الدر وايبك بعد قتل توران شاه ابن الملك الصالح وحارب المماليك الصليبيين وأسروا لويس وطاردوهم..
وكان ذلك عام 1250 وما أن انتهوا من الصليبيين حتى جاء المغول وانشغلوا بالحروب معهم وهزموهم تحت قيادة قطز وبيبرس وقلاوون ..
الحروب الصليبية لم تنته بموقعة حطين عام 1187 بقيادة صلاح الدين ولا بحملة لويس عام 1250 ولكنها استمرت ما يقرب من قرنين من الزمان والحرب مع المغول لم تنته بانتصار قطز فى عين جالوت بل ظلت عقودا كثيرة..
المماليك نستطيع تقسيمهم لمجموعتين
المماليك البحرية
المتمثلة فى أوائل سلاطينهم الذين أتى بهم نجم الدين ايوب وحاربوا الصليبين والمغول كأيبك وفارس الدين أقطاي وبيبرس وقطز وقلاوون..
انتصر قطز على المغول فى عين جالوت عام 1260 وتولى بعد ذلك بيبرس وأبناءه تقريبا حتى عام 1289 ثم بدأت فترة الناصر قلاوون وأبناءه بعد بيبرس من 1289 وحتى 1380 تقريبا..
وبيبرس له انتصارات كثيرة علي الصليبيين والمغول بعد أن تولى السلطنة بعد قطز وجاء من بعده قلاوون وأكمل ما بداه بيبرس وظل بالحكم ومن بعده أبناؤه ما يقرب من المائة عام.
ويذكر أن إبنه الناصر محمد وحده ظل ما يقرب من 30 عاما وكان قد ترك الحكم ثلاثة مرات ويعود إليه وكان ذلك خوفا من القتل أو الإغتيال نتيجة الصراع على الحكم!
مرت الدولة المملوكية بمراحل ضعف بعد نهاية حكم أبناء قلاوون.
المماليك الجراكسة
هم الفئة الثانية أو النوع الثانى من المماليك بعد المماليك الأوائل البحرية مثل أيبك وقطز وبيبرس وقلاوون.
وهم من أتى بهم الناصر قلاوون بعد توليه الحكم بعد بيبرس وهم من استولوا على الحكم بعد نهاية الفترة القلاوينية وكان الصراع بينهم كبيرا والحكم لمن غلب فقد صعد للحكم كثيرا من المماليك الجراكسة حتى أن كان أحدهم يشترط عليهم ألا يقتلوه إذا قبل تولي الحكم .
كانت البداية مع السلطان سيف الدين برقوق الذى عزل آخر أحفاد السلطان الناصر قلاوون حتى بدأ الإستقرار فى عهد قايتباى الذى شهدت فيه مصر إستقرارا وعدلا ونهضة معمارية واستمر حكم قايتباي تقريبا 30 عاما وجاء قنصوه الغوري الذى كان العثمانيون يتمنون رضاه ويحاولون مهادنته ليقف معهم فى حربهم مع الصفويين انذاك لكنه رفض فما كان منهم إلا إعلان حربهم مع "الغوري" وانتهت دولة المماليك مع آخر سلاطينهم السلطان "الأشرف طومان باي" فى موقعة الريدانية أمام سليم الاول والعثمانيين عام 1517 م وانتهت بتعليق جثة طومان باي على باب زويلة.
كان ما كان من خيانات العثمانيين ومن قتلهم المصريين عند دخولهم مصر ومن قبلها العراق والشام والذى لم يكن بغرض خلافة ولا دولة إسلامية ولكنه أحلام التوسع واستنزاف ثروات الشعوب تحت وهم واسم الخلافة المزعومة.
من خلال ما سبق يستطيع القاريء أن يحكم ويتساءل :
هل كان المماليك غزاة؟
أم العثمانيين؟
ومن خدم وأفاد مصر والعرب
والإسلام ؟!
لقد كان قدر المماليك أن يأتوا لحكم مصر ويحكموا الدولة الإسلامية وقت ذاك فى توقيت كانت هناك فيه هجمات شرسة من الصليبيين والمغول .
ولعل المفارقة تكون فى وجه الشبه بين التتار والمغول عندما استولوا على العراق والشام وانهزموا على أعتاب القاهرة وبين العثمانيين الذين استولوا على العراق والشام ودخلوا مصر بمساعدة الجواسيس والخيانات المؤثرة والتى أتت من قادة جيش المماليك أمثال خاير او خاين بك والغزالي والزيني بركات وغيرهم!
يكفى أن المماليك لم يكونوا غزاة ولا محتلين ولم يأتوا بجيوش ويستولوا على العراق والشام ومصر والحجاز ويقتلوا وينهبوا الثروات.
سيظل التاريخ يعطى كل ذي حق حقه
والتاريخ لا يكذب ولا يتجمل.
التعليقات