كنت، وما زلت، أنادي بإنشاء ما أطلقتُ عليه مصطلح "نادي الواحد في المليون" وفكرتي بمنتهى البساطة أن مصرنا الحبيبة تعداد سكانها قد تخطى المئة مليون نسمة بعدة ملايين، لكن دعونا نكتفي بالمائة مليون، تعتمد فكرتي على أن نأخذ من كل مليون شخص واحد فقط مبدع في كل مجال، وبالتالي يكون لدينا في "نادي الواحد في المليون" مائة شخص في كل مجال وكل تخصص (علم، أدب، فكر، فن، اكتشافات واختراعات، بيئة، تكنولوجيا، زراعة، صناعة، فلك، علوم بحار ...إلخ)، هؤلاء المئة هم أعضاء النادي، يتم التركيز عليهم، مساعدتهم، تهيئة الأجواء لهم، تمهيد السبل أمامهم، توفير الإمكانيات المطلوبة لإبداعهم، ولو تصورنا أن هذا النادي ينضم إليه مثل هذا العدد كل عام، أو حتى كل عامين، وقتها سوف يكون لدينا من العباقرة في كل مجال ما يرتقي بنا وما يُكافئ طموحاتنا في جمهوريتنا الجديدة.
هذا الحلم بتكوين نادي الواحد في المليون تقريبًا ما حدث ويحدث في وزارة الشباب والرياضة حينما أقامت مهرجان سنوي تحت عنوان "إبداع" وذلك تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وقد أسعدتني الظروف حينما أُتيحت لي فرصة حضور الحفل الختامي لمهرجان إبداع الموسم الحادي عشر في المجالات الأدبية والعلمية والفنية لطلاب الجامعات والمعاهد العليا والأكاديميات الحكومية والخاصة، والحقيقة أني ذهلتُ من هذا الأداء والإبداع، من هذا التدفق، هذا الرقي، هذه الطاقات المبدعة المتدفقة في مختلف المجالات.
في أثناء متابعتي فقرات الحفل الختامي الذي أقيم في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة أعرق جامعات الشرق الأوسط، حيث يُبدع الطلاب على خشبة مسرحها، تلك الخشبة التي وقف عليها رؤساء وملوك العالم، تألقت عليها كوكب الشرق أم كلثوم، تذكرتُ طيورنا المهاجرة، أو طيورنا المستقطبة من الخارج، وكنتُ وما زلتُ أشعر بشيء من الحزن كلما رأيتهم يخرجون من مصر، أو رأيتهم يُكرمون في الخارج حينما يحيون حفلات لديهم وكأنهم يصنعون تاريخًا جديدًا بأولادنا، لكن بعد ما شاهدتُه في هذا الحفل الختامي، وجدتني أهمس "ولدينا المزيد"، نعم.. لدينا طاقات مبدعة في مختلف المجالات وكأن نهر يجري بها، نهر مستمر فيضه، كل ما في الأمر أن يتم إتاحة الفرصة أمامهم، ثم رعايتهم، وهو أمر يقوم بجزء كبير منه مهرجان "إبداع" الخاص بوزارة الشباب والرياضة وعلى رأسها الوزير الشاب صاحب الابتسامة والقلب الشاب حيث رصد مبالغ تشجيعية كجوائز تزيد عن خمسة ملايين جنيه، مع وجود فريق من الطاقات التنظيمية والتحكيمية لا يسعنا المجال للحديث عنهم وعن قدراتهم الخاصة المتميزة في كل مجال.
حضرتُ الحفل الختامي بين كوكبة من نجوم الفكر والفن والأدب شَرفت فيها بمصاحبة الفنان القدير محمود الحديني والكاتب الكبير محمد أبو العلا السلاموني والنجوم محمد رياض، فتحي عبدالوهاب، سامح حسين، صفاء أبو السعود، منال سلامة وغيرهم كثير، بالإضافة إلى عدد من رجالات السياسة والإدارة رفقة وزير الشباب والرياضة. وقد كانت الفئات العمرية (18 - 27) من طلاب الجامعات الحكومية والخاصة، طلاب المعاهد العليا الحكومية والخاصة، طلاب الأكاديميات الحكومية والخاصة. أما عن مجالات التسابق في مهرجان إبداع أربعة عشر مجالا كما يلي "الشعر، الرواية، القصة القصيرة، التأليف المسرحي، الطالب والطالبة المثالي، الدوري الثقافي، الغناء الجماعي والفردي، العزف الجماعي والفردي، الانشاد الديني والترانيم، العروض المسرحية، المسرح الغنائي والاستعراضي، الفنون الشعبية، الأفلام القصيرة، المراسل، الفنون التشكيلية، الابتكارات العلمية، المبادرات المجتمعية". وكانت الجوائز في مجال من المركز الأول إلى المركز الثالث، فكان أن أفرز المهرجان العشرات والعشرات من المبدعين، وهؤلاء مَن فازوا بالفعل وهناك مَن لم يحالفهم الحظ ليجدوا أنفسهم في مراكز التكريم لكنهم يمتلكون الكثير من القدرات الإبداعية، ابتسمت مرة أخرى واطمئن قلبي وأنا أتذكر ما همستُ به لنفسي "ولدينا المزيد".
التعليقات