عندما يتحدث الناس عن الحب، فإنهم يشيرون في الغالب إلى العلاقات الرومانسية والعاطفية، ولكن الحب يتجاوز هذا الإطار ليشمل عدة أطر من أهمها: الحب الذاتي، والحب للآخرين، بل والحب للعالم أجمع، ويأتي في القمة من هذه الأشياء الحب لله عزوجل
فحب العبد لربه يجعله يتلذذ بعبادته، فالمحب لمن يحب مطيع، فتصبح العبادة لذة وبدون الحب يشعر الإنسان بأن العبادة سخرة وحركة للأبدان دون متعة روحية لا حلاوة فيها.
فالسيدة رابعة العدوية لم تكن تعبد الله خوفا من ناره أو طمعا في جنته؛ بل إنها كانت تعبد الله عزوجل حبا في ذاته؛ فتلذذت بعبادة الله وروت روحها بجميل حب الله.
وفي شتى دروب الحياة يمكن اعتبار الحب أصل الأشياء لأنه هو ما يدفع الإنسان للعمل على تحقيق الخير والإيجابية في العالم، فعندما يكون الإنسان يحب نفسه ويهتم بصحته وسعادته، فإنه سيعمل على تحسين نوعية حياته وحياة الآخرين من حوله.
ومن ثم يسعى إلى النجاح في حياته بسبب حبه لنفسه ورغبته في تحقيق سعادته أولاً قبل أن يفكر في إسعاد من حوله، فاذا أسعد من حوله على حساب ذاته تحولت النفس من حب الذات إلى الاحتراق النفسي وهو ما يجعله دائما يشعر بعدم الرضا أو التقبل.
إن الحب هو العنصر الأساسي الذي يجعل الحياة تستحق العيش، وبدونه لا يمكن تحقيق السعادة أو الإنجازات أو التقدم.
والحب في أصله هبة من الله للإنسان يزرعها في قلبه تجاه غيره من الناس فلا يعرف لماذا ينجذب الإنسان تجاه شخص أو ينفر من آخر، ولقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر في حديثه عن زوجاته وكيف كان يعدل بينهم في الحياة إلا أنه كان يحب السيدة عائشة أكثر من غيرها من نسائه لذا كان يقول: “اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"-يعني القلب-
فالحب هو القوة الأكثر إلهامًا وأساس لكل شيء في الحياة، إنها قوة متجددة، تربط بين الناس وتحفزهم على العطاء والتضحية، وتمتلك القدرة على الشفاء والتغيير.
وفي الواقع، يمكننا القول بأن الحب هو أصل الأشياء، والمفتاح الأساسي لتحقيق السعادة والتعايش السلمي.
إن الحب يمتد إلى كل جانب من جوانب الحياة، فهو الحافز الأساسي للعلاقات الإنسانية. بدون حب، لا يمكن تحقيق الصداقة، أو بناء العائلات، أو تحقيق الإنجازات الكبيرة.
إنه يعزز التعاون والتفاهم ويمكن أن يوحد الناس من خلال روابط عاطفية قوية، يعطي الحب أيضًا معنى وغرضًا للحياة، ويشكل النواة الأساسية لقيمنا ومعتقداتنا.
لذا فإني أرى بأن الحب هو الغاية والوسيلة معا، فهو الغاية التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها وإقراراها في العلاقات بالأشخاص والأشياء من حوله، وهو الوسيلة التي من خلالها يتحقق، فلا يتم الحب إلا بالحب ولا يحدث التفاهم إلا بالحب ولا ينجح الانسان في عمله إلا بالحب لما يعمل، ولا يكون له توأم روح إلا بالحب ولا يحسن عبادة ربه إلا بالحب، فالحب هو الداء والدواء، فحياة بلا حب ....حياة لا معنى ولا قيمة لها كحياة الأنعام بل أضل.
التعليقات