فى القانون سن الرشد هو السن الذي إذا بلغه الانسان يستطيع تحمل مسؤولية نفسه أمام القانون وتتاح له حقوق الشخص الراشد مثل حق الزواج والإنجاب والتصويت في الانتخابات وحق حيازة رخصة القيادة.
أغلب دول العالم تحدد سن الـ18 كسن الشخص الراشد في حين توجد دول أخرى تحددها بسن 15 و16 و17 ودول أخرى تصل إلى 19 و20 و21 سنة.
على أرض الواقع فى مجتمعاتنا العربية الوصاية لا ترتبط بالمسؤلية القانونية والمالية فقط وليس لها سن محدد تنتهى عنده لنظن معها أحيانا أنها وصاية أبدية .
يظل الأبناء فى الحضانة الأسرية منذ الميلاد حتى يخرج الإبن أو الإبنة من عباءة الأسرة وقد يحدث هذا بكل الطرق إما المسالمة منها وكأنه إنتقال مرحلى طبيعى، أوبطرق البقاء للأطول نفسا مرورا بالصراع والقطيعة أحيانا إما بالعقوق أو بدعوى التمرد.
تظل الأسرة تخطط للأبناء مسار حياتهم بداية من إختيار التخصص الدراسي وأبسط الإختيارات مثل الرياضة المناسبة ليمارسونها صيفا ، لتمتد إلى إختيار شريكة أو شريك الحياة فلا يملك أغلب الأبناء مستقبل لهم يد فى صنعه كثيرا، ليكبروا فى مناطق أمنة من المغامرة والتجربة والنجاح والألم ليعيشوا مشاعر أجدها أسوء كثيرا وقد تدمرهم فى المستقبل.
إننا أمام ثقافة عربية تشبة كثيرا شعرة معاوية فى الفصل بين إتهام الأبناء بالعقوق وإلصاقها عمدا مع سبق الإصراروالترصد فى قبول الأبناء لإختيارات أهاليهم بدعاوى الدين والتمسك برضا الأم أو الأب ، أمام أنها حقوق يملكها كل إنسان وجد على الأرض أن يحدد مصيره ويملك إختياراته ويتحمل تبعياتها .
المتهم الرئيسي فى الأغلب فى تلك الإشكالية هن الأمهات والخوف المرضى الممزوج بالحب الذى قد يقتل أحيانا ، فنرى أمهات يساهمن فى دمار حياة أبنائهن وتربيتهم على الإتكالية وإفتقارا لثقافة التعلم المستمر وخوض التجارب والدخول لمعترك الحياة والإصطدام بدلا من الهروب ليكون علاجا أحيانا .
فنجد أبناءا غير مسؤلين لا يدركون حجم ما سيواجهونه فى المجتمع من صراع ليحفروا مكانا لهم فالشاب لم ينزل لسوق العمل فى أغلب الأسر إلى مابعد الجامعة وأكثر أى بعد 21 سنة عاشها فى العالم تحت شعار " عدم البهدلة " وماوجه الإستعجال وأن غدا يتعلم ويدرك وغدا يتحمل المسؤلية التى حينما تجبره عليها الحياة يكون الشاب هرما على أن يخوض التجارب التى تنقح شخصيته وتنحتها للأفضل .
والفتاة لا تتحمل أى مسؤلية وتكون فى ذيل قائمة العمل بالأسرة بدعوى إنتظار زوج المستقبل لتواجه صندوق المسؤليات الأسرية المرعب فيما بعد ، والأمثلة فى تلك الحكايات معروفة لنا جميعا فى مجتمعاتنا الشرقية .
مثال درامى على ما نقوله تم تقديمه فى مسلسل "الأصلى" والذى عرض قبل شهر رمضان مباشرة فالأخت الكبيرة والتى تقوم بدور الأب بعد وفاته سلكت نفس سلوكه فى التحكم فى حياة أخواتها لدرجة أن تحيك المكائد لتحرك حياتهم كأنهم فئران تجارب فى قفص وعليهم قبول السجن والسجان وعدم التفكير فى حلم الهروب وكأنه عصيان مدنى فكل الأبطال لم يختاروا ماهم فيه تحت دعاوى الحفاظ والخوف عليهم وعلى تاريخ الأسرة المادى والمعنوى .
المرعب فى المسلسل رغم براعة الأداء من الجميع وعلى رأسهم الجميلة ريهام عبد الغفور هو التمسك بفكرة صلاح النية والتغاضى عن الكوارث التى حدثت بدعوى الحب وإظهار الرؤية الثاقبة للطرف المتمسك بوصايته رغم بشاعة الأسلوب والطريقة.
يقول المثل الصيني الشهير: “لا تعطني سمكة، بل علمني كيف أصطاد” فالمنطقة الأمنة والأسرع والأبسط هى إعطاءك السمكة والمنطقة الوعرة المليئة بالخطأ والتجربة هى أن تعلمنى فأرسم طريقى الخاص واسيربعدها بدون عكاز، الأولى أسهل لكنها أقل عمرا ولا تجد فيها نفسك والثانية الأصعب ولكن فى نهايتها تكمن الحكمة وتتشكل الشخصية الذاتية لكل منا.
أطلقوا سراح أبنائكم فالحياة لم تخلق للإستجمام ومهما بلغت قسوة الطريق كانت إشارات الله خير دليل، إتركوهم يخوضوا تجربتهم الذاتية ويصنعو لوحاتهم الشخصية، وإستريحوا قليلا فما تحملتوه معهم ليس بالهين وعليكم فى مرحلة ما أن تكونوا فقط داعمين لإختياراتهم.
مهما شاهدتم من خربشات غير واضحة المعالم فى البداية فى النهاية سيكون التوقيع تحت كل لوحة بإسم كل منهم منفردا فلا تسلبوهم حقوقهم الفكرية.
التعليقات