علمياً يؤدي الغرق إلى نقص الأكسجين الذي يصل إلى الأعضاء الحيوية مثل الدماغ والقلب، والغرق هو انسداد المسالك الهوائية بالمياه لبضعة دقائق، إذ يمنع مرور الهواء وتنفس الأوكسجين ويؤدي إلى تراكم ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي إلى الوفاة، ومن الممكن أن ننقذ الغارق في مدة زمنية من 5 إلى 10 دقائق على الأكثر.
هذا الوصف الدقيق للغرق لا يختلف كثيراً على حالة البعض منا فى تعامله مع الأزمات أو المحن التى تمر بحياته والتى تخلو منها الحياة التى وجدنا أنفسنا فيها فنجد أن البعض منا يفقد إتزانه وتوازنه فى مواجهة الصدمات .
فيظل حبيس مرحلة الإنكار لا يخرج منها وهى احدى المراحل التى يمر بها الجميع كما ذكرها "نموذج كيوبلر روس "المعروف باسم "مراحل الحزن الخمس" والتي تنقسم فيه المراحل إلى (الانكار والغضب والمساومة والاكتئاب والتقبل ) وهو الأشهرمن ضمن العديد من المحاولات لوضع خريطة لعملية الحزن كسلسلة من المراحل.
هنا نجد ان مرحلة الانكار ويرافقها الغضب بشكل كبير تمثل ثانى اكسيد الكربون والذى يتراكم داخلنا ويتزايد يوماً بعد يوم فنبكى على حالنا ونتخبط فى اليأس ونتساءل دائما ماذا فعلنا ليصنع بنا الاخرون ذلك القبح ؟
هنا يجب علينا جميعا ورغم إختلاف سماتنا الشخصية أن نتشبث وبقوة بيد الله وبها ننجو جميعا، فلا نلقى بالأسئلة الوجودية التى لن تسمن ولن تغنى عنا شيئا بل نتحرى أنفسنا ونبحث مثل المفتش السرى داخلنا عن ملامح الأمل والتى بنظرة ثاقبة متأملة نجدها فى كل مكان .
أهم تلك الملامح هى نور البصيرة هدية الله للانسان والتى رغم كونها هدية ثمينة وقيمة لا يدركها أغلبنا ويتركها بإهمال متعمد، رغم أنها النجاة الوحيدة لنا جميعا والتى تأخذ بيدنا نحو مرحلة التقبل رغم ما نعانيه فى الطريق من دروب المساومة الرخيصة أحيانا والتى قد نضع سعادتنا كبش فداء لغيرنا ولا نحصد سوى النكران .
لذا إحذر أن تغرق هناك فى بحر الإنكار ولوعة الصدمات ولتجد راحتك فى الإستسلام لأقدار الله بدون تواكل فمن قال أن إستسلامنا لأقدار الله تعنى البكاء على اللبن المسكوب أو التراخى عن النظر لغد والعمل له ؟
بالعكس فالإستسلام لأقدار الله يجب أن يرافقه اليقين بأن كل أقدار الله خيراً كما أرشدنى يوما إليها "صديق ملهم "ونظرتك إلى الحياة بتلك النظرة كأنه الأكسجين الذى يعينك على الإستمرار ويصعد بجسدك كله إلى سطح الماء .
فكلنا نعيش فى بحر الحياة وهنا لا أجدها إستعارة مكنية، بل وصف واقعى لما نعيشه على تلك الأرض سابحين لا نملك أرضا نسير عليها، بل تظل أرجلنا تتخبط يمينا ويساراً فى محاولات مستميته للصمود أعلى السطح وليس الغرق داخل ظلمات البحر.
فلتبحث عن طوق التجاة فى العمل، العائلة، الأصدقاء، التجديد فى أيامك بأبسط الطرق، الشغف الملهم، القائمة لن تنتهى أبدا فقط إبحث جيداً واحذر أن تغرق هناك.
التعليقات