الصحافة أحد وسائل الاتصال بين الجماهير، فهي مرآة الشعوب، حيث تساعد الأفراد على تكوين رأي العام في مختلف الأمور والمشاكل التي تدور في المجتمع المحلي والعالمي، سواء من الناحية السياسية والمجالات الأخرى؛ وذلك من خلال تزويدهم بالأخبار والأفكار والتي تنمّي الرأي العام لدى أفراد المجتمع.
ومصطلح “قضية رأي عام” له ثقله في عالم الصحافة، فما إن تظهر قضية أو ظاهرة بهذا الحجم من الانتشار يتهافت الجميع على متابعة تفاصيلها من الجمهور والإعلام على حد سواء، وتستمر لفترة حتى تنتهي أحداثها على أي وجه كان، ولا يهم إن كانت الواقعة ذات الاهتمام تستحق أم لا، المهم أنها أضحت حديث الشارع،
صحافة الرأي هي الصحافة التي لا تدعي الموضوعية؛ وعلى الرغم من تمييزها عن الصحافة المعادية في العديد من الطرق، إلا أن كلا الشكلين يتميز بوجهة نظر ذاتية، توجد عادة مع بعض الأغراض الاجتماعية أو السياسية.
وعلى عكس الصحافة المدافعة، تركز صحافة الرأي تركيزا أقل على الحقائق المفصلة أو البحوث، وغالبا ما تكون وجهة نظرها من مجموعة متنوعة أكثر خصوصية.
وقد لا يكون إنتاجها إلا عنصر واحد من وكالة الأنباء الموضوعية عموما، بدلا من السمة الغالبة على الصحيفة بأكملها أو شبكة البث.
رغم التهديد الوجودي لمكانة الصحف في منظومة الإعلام الحديث، فإن تأثيرها العام في الوجدان ؛والرأي العام فيما يتعلق بالقضايا الكبرى؛ ما زال هو الأعمق والأكثر مصداقية.
وتاريخيا كان للصحف دور جذري في التعامل مع قضايا اجتماعية وسياسية وبعضها أسهم في تغيير توجهات الرأي العام؛ فيما يتعلق بقضايا مثل: منح النساء حق التصويت، والمساواة في الحقوق، ومساندة حركات التحرير الوطنية، وتبني قضايا التفرقة العنصرية.
وحديثا تبرز قضايا حيوية أخرى مثل المحافظة على البيئة ومحاربة الفساد وتحسين الرعاية الصحية، وهي قضايا كان للصحف تأثير قوي في التعريف ورفع الوعي بها.
ومن العوامل التي تجعل الصحف أكثر مصداقية؛ في تناول هذه القضايا هو أنها تلتزم بقواعد المهنة ويعمل بها صحافيون محترفون في تخصصات متعددة.
وبهاصفحات للرأي، وهي عوامل يفتقر إليها بعض مصادر الإعلام الأخرى مثل منشورات الإنترنت.
وما زالت الصحف مؤثرة في قضايا حيوية ربما موضوع قضية العنصرية في الرياضة التي تسهم أكثر من صحيفة بريطانية في حملات لمكافحتها.
تاريخياً، كانت قضية التفرقة العنصرية من أهم القضايا التي واجهت أميركا والعالم في بدايات القرن العشرين ؛وتناولت الصحف آنذاك هذه القضية من زوايا متعددة؛ منها ما كان يدافع عن المساواة ومنها ما كان يتمسك بالوضع القائم بل ويشجع جماعات عنصرية بيضاء.
ولعل قصة الصحافي ويليام مونرو تروتر وصحيفة «بوسطن غارديان»؛ التي أسسها في عام 1901 تصلح مثالاً لما يمكن للصحف أن تحققه في رفع الوعي العام.
نشأ تروتر في عصر العنصرية المتفشية في أميركا ضد السود حتى بعد تحرير العبيد حيث كانوا يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية يعانون من الاضطهاد وهجمات من جماعات عنصرية مثل «كوكلوكس كلان».
وأسس تروتر صحيفته لكي تكون «مرآة للمجتمع يرى فيها الوجه القبيح للعنصرية»؛نادى تروتر بالمساواة والديمقراطية للسود ؛وشجع الثورة ضد التفرقة في كل المجالات.
وفي الوقت نفسه كانت صحيفة «غارديان» البريطانية الأكثر شهرة؛ تصدر من مدينة مانشستر وتشجع الليبرالية البريطانية؛ وتنادي بالإصلاح المتدرج لقضية التفرقة العنصرية في أميركا.
التعليقات