أصبحت التقنية جزءًا مهمًا في نسيج حياتنا اليومية، لما تقدمه من تسهيلات لمهام هذه الحياة، وأوجدت مصطلحًا جديدًا ممزوجًا بينها وبين المواطن الذي هو مقياس الانتماء لوطنه الذي يعيش فيه، إنه مصطلح "المواطن الرقمي" الذي يمثل الصورة الحقيقية المعاصرة في زمننا الحالي للمواطن الحقيقي في نسخته الجديدة تحت مظلة العصر التقني الذي نعيشه، وبات يمثل انعكاسًا للهوية الوطنيّة.
المواطنة الرقمية كما عرفها ماييك ريبيل هي: "مجموع القواعد والضوابط والمعايير والأعراف والأفكار والمبادئ المتبعة في الاستخدام الأمثل والقويم للتكنولوجيا"، والتي يحتاجها المواطنون صغارًا وكبارًا من أجل الإسهام في رقي الوطن، فهي تعكس مدى قدرة الفرد على المشاركة في المجتمع عبر شبكة الإنترنت مشاركة إيجابية وصالحة.
في تطرقنا للمواطنة الرقمية والقانون نستعرض المسؤولية الإلكترونية عن الأفعال والأعمال، حيث إن سوء استخدامها يعرض صاحبها للمساءلة القانونية، التي تعتبر ضمن الجرائم الإلكترونية التي يعاقب عليها قانون الجرائم الإلكترونية.
كما أن القانون الرقمي عرفه ريبيل Ribble,2011,70)) بأنه: المسؤولية الإلكترونية عن الأفعال والأعمال.
ربما أكثر ما شاع انتشاره في الآونة الأخيرة هو اختراق الأنظمة والبرامج وتطبيقات الهواتف خاصة، ومن بين ذلك الرسائل التي تصل البعض في برامج التواصل الاجتماعي من أرقام وحسابات وهمية مخترقة، توهم المستخدم بالفوز بجوائز مالية مقدمة من جهة ما طالبًا من متلقيها التواصل والاتصال لاستلام الجائزة؛ بقصد استدراج الضحية للوصول لمعلوماته الشخصية التي هي بداية لمشوار النصب الإلكتروني.
إن مصدر هذا النوع من التحايل يكون محلي أو دولي ناتج عن ضعف النفوس، وجهل القانون، وعدم الإحساس بالوطنيّة، فهم لا يمثلون المواطن الرقمي الصالح.
كل هذه الأنواع من التحايل الرقمي غير القانوني تعتبر أعمال عاقبتها وخيمة من شأنها أن تخل بمكانة المُواطن وسمعة وطنه.
لذا وجب غرس روح المواطنة الرقمية وذلك بإرشادهم وتوعيتهم، بأن هذه التصرفات مهما كان مغزاها سواء مزحة ودعابة أو احتيال من شأنها أن تؤدي لعقوبات كالسجن أو الغرامة الماليّة؛ وذلك لما تسببه من أضرار لمتلقيها تمس أمنه واستقراره.
إن إدراكنا للقانون الرقمي يوجب علينا بث الوعي والتنوير، وإرشاد الناس إلى حسن استخدام التقنية الحديثة؛ حتى لا ينتهي بهم المطاف بعقوبات قانونية، وللحد من هذه الأفعال المشينة والمخالفة للقانون قبل وقوعها والتي هي مقياس لمستوى الوطنية بمعناها التقني الحديث، يجب أن نكثف الدور التوعوي بداية من الأسرة التي هي النواة الأولى للمجتمع في تأسيسه ونشأته نشأة صالحة مبنية على الأخلاق الحميدة التي تتوافق مع شريعتنا الإسلامية، وللمدرسة كذلك دور ثانوي ومكمل للأسرة في التنشئة على روح القانون وغرس روح الوطنية.
لا شك أن الإعلام هو المظلة الكبرى التي يجب أن تتحمل الجزء الأكبر في هذه القضية الحالية، كونها أسرع انتشارًا، ووجهة تستقطب أكبر عدد من الجمهور.
ان الجهود الذي تبذلها الأجهزة الأمنية المتمثلة في قسم الجرائم الإلكترونية لعبت دورًا مهمًا في الحد من انتشار هذه الظاهرة وعلاجها بعد الحدوث، حيث خصصت خطوط ساخنة مباشرة للتصدي لمثل هذه القضايا وللأخذ بيد المواطن إلى بر الأمان، فهي حقيقة جهود عظيمة يشكرون عليها.
في النهاية أود أن أختم الموضوع بنداء إرشادي عام لكل مواطن ومواطنة في تراب بلدهم العزيز بالوقوف دائمًا صفًا منيعًا للقضاء على مثل هذه الظواهر المخالفة للقانون، والعمل معًا يدًا بيد مع الجهات الحكومية؛ للإبلاغ والحد من انتشار هذه الظواهر المخلة بالأمن الرقمي؛ حفاظًا على سلامة أمن المواطن والوطن
التعليقات