في زمننا الحالي أصبح استخدام الإنترنت من الممارسات اليومية التي لا نكاد نستغني عنها، وقد تعددت وسائل التصفح من أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة، لذا تنوعت استخدامات الإنترنت من تصفح وتسوق إلكتروني وإنجاز معاملات وبحوث وغيرها من الاستخدامات المختلفة.
ونستخدم عادة مواقع البحث المشهورة والمعروفة لدى الجميع مثل الجوجل والياهو والبينج، هذه المواقع لها نقاط بحث محدودة لا تتعدى مقترحاتنا البحثية عما نبحث عنه واستخدامنا لمنصات التواصل الاجتماعي، أو دخولنا للمواقع الخدماتية لإنجاز المعاملات الإلكترونية، فهو يزودنا بمعلومات بسيطة جدًا مقارنة بالإنترنت العميق الذي هو محور قضيتنا الحالية.
إن شكل الجبل المألوف لدينا في مخيلاتنا يوحي لنا بكتله صخرية أو رملية طبيعية، ولكن هل لنا أن نتخيل ما هو شكله الباطني المخفي ومكوناته التي لا يكاد يستوعبها العقل؟!
هذا مثال بسيط يربطنا بقضيتنا الحالية، فالإنترنت العادي الذي نستخدمه في حياتنا اليومية مثل قمة الجبل الطبيعية، ولكن ماذا يوجد بقاع هذا الجبل أو تحت سطح الجبل الموازي لسطح الأرض في شبكة الإنترنت؟ ما الشيء العميق الذي يكاد يكون مخفيًا عن معظمنا وموقعه أسفل قاع الإنترنت العادي؟ إنه " الديب ويب " أو الإنترنت العميق، الذي يصعب على المستخدم العادي الوصول إليه، وفيه الكثير من الأمور التي تحصل ولا نعرف عنها شيئًا.
مصطلح الديب ويب يشير إلى متصفح إنترنت يساوي خمسة أضعاف المتصفح العادي، ويتألف من قاعدة بيانات لا يمكن لمحركات البحث العادية فهرستها، فهي تتضمن قاعدة بيانات تشمل كل الميادين الطبية منها والحكومية والأكاديمية، هذه الصفحات ديناميكية لا يمكن لعناكب الإنترنت الوصول إليها، وحتى المستخدم العادي لا يمكنه الوصول لقاع الإنترنت إلا عن طريق دعوة من الأعضاء القيادية لهذا الجانب المظلم من الإنترنت.
وقد استغل هذا المصطلح من ناحيته الإيجابية لحل المشاكل الأمنية والاختراقات الدولية التي تمارسها الأجهزة الأمنية بالدولة للتصدي لهجمات القرصنة، سواء أكان ذلك ما يمس الأجهزة الأمنية أو البنوك المركزية أو الأجهزة الشخصية وغيرها، إلا أنه قد أُسيء استخدامها لأغراض شخصية أو منظمات وعصابات تمارس فيها شتى أنواع السلب والتدمير والتخويف والابتزازات.
وما زاد خطورة "الديب ويب" عملتها الإلكترونية المتداولة البتكوين، وهي عملة مجهولة تفتقر للهيئة المركزية، صعبة التتبع وسهلة التداول في السوق السوداء، فيتم عرضها في مواقع وهمية عبارة عن اختراقات وسرقات وبيع العملات المزورة، كما يتضمن شتى أنواع التزوير في المستندات الشخصيّة، وأيضا تهكير الحسابات كمنصات التواصل الاجتماعي، كما أن هناك منصات للبث المباشر، كما ظهرت أشياء مخيفه جدًا كتعريض ضحايا للتعذيب في بث مباشر مقابل أن يدفع مشاهدوهم مبالغ للمشاهدة، وتجارة الأعضاء البشرية وهي ما تسمى بالغرف الحمراء.
الجدير بالذكر بأن مواقع شبكات الإنترنت العميق لا يمكن الدخول إليها الإ بواسطة متصفح إنترنت خاص، وهذا المتصفح يقوم بإخفاء بيانات المستخدم مما يسمح لأعضاء العصابات التصفح بحرية تامة وبدون تتبع، وبالتالي يفتح الباب لوجود ممارسات غير قانونية وحدوث الجرائم في هذه الشبكات، لذا يمكن أن نطلق عليها وكر المجرمين.
لذا وجب التحذير ونشر الوعي من خطورته وعدم الانجراف خلف هذا التيّار من الإجرام؛ لأنه فعلًا عالم عميق مظلم، يشبه متاهة من يدخلها كأنه دخل مقبرة الأشباح.
التعليقات