الصورة الذهنية التي نصدّرها للناس تلعب دورًا محوريًا في علاقتنا بالحياة. لو وجّهت المؤشر إلى الشخصيات العامة تكتشف أن الصورة الذهنية هي التي تحدد مصيرها.
في أحد البرامج، سألوا النجم- الذي كان شهيرًا قبل أن يعانى في السنوات الأخيرة مزيدا من الأفول -: لماذا أصبح محل إقامتك الدائمة (النت) وليس (الاستوديو)؟ أجاب: لأننى أحرص على التواجد مع الناس وأتفاعل معهم، وأيضا لمواجهة تربص عدد من الفنانين.. كثيرا ما أكتشف أن هناك من يريد النيل منى بإطلاق شائعة مغرضة.
سألوه: ولكنك لا تكتفى بتصويب الواقعة، وكثيرا ما تنفلت منك الكلمات؟، أجاب: عندما أتعرض لإساءة هل أتحلى بالصمت؟!.. وأضاف: من يتجاوز في حقى بكلمة أرد بلكمة، هذا مبدئى في الحياة (السن بالسن والعين بالعين والبادى أظلم)، وأضاف: أنا أقول الحقيقة التي لا يجرؤ أحد على البوح بها، أغلب النجوم يصدرون لكم وجها كاذبا، الطيب المتسامح بينما في قلوبهم الغل والحقد، (أنا اللى في قلبى على لسانى).
نسبة كبيرة مما نراه يشغل بال قطاع عريض من الناس جاءت شرارته الأولى من (السوشيال ميديا)، لأنها تملك حاليا الدفة، ولا بأس أن نفتح عيوننا وعقولنا على ما يجرى في هذا العالم الذي تعبّر عنه مباشرة وبلا مكياج أو تزييف الوسائط الاجتماعية، إلا أن البأس كل البأس عندما ننجرف مع التيار ونفقد قدرتنا على الضبط والربط ونشارك في معمعة الانفلات، ويتحول العالم الافتراضى إلى واقع لا نعيش إلا داخل جدرانه الوهمية.
الشخصيات العامة يجب أن تتحلى بالضبط والربط، حتى لو كان القانون لا يجرّم بعض هذه الأفعال أو الأقوال.
تابعت قبل بضعة أشهر على صفحة مطربة شهيرة- صارت واحدة من رموز الجمال في العالم- قرأت تعقيبات عدد من المتنمرين والمتنمرات، الذين انهالوا عليها بكل ما أوتوا من ألفاظ خادشة وجارحة، فقررت أن تخوض المعركة بكل شراسة، ومن قذفها بكلمة ردت بعشرة، ومن وجه إليها لكمة أشبعته ضربًا. وبديهى أن الأطراف التي تجاوزت في حقها، ازدادت عنفا وشراسة، ولديهم قطعا قاموسهم الأكثر سوقية، إنها في نهاية الأمر معركة صفرية، الخاسر الأكبر فيها هو الشخصية العامة.
ضبط النفس في مثل هذه الأمور مطلوب. أتذكر الفنانة يسرا اللوزى عندما نعتها أحدهم بأنها (أم الطرشة)، صححت له معلوماته وقالت: (اسمها ضعف السمع، وأنا فخورة بابنتى، لأنها علمتنى الكثير وصارت ملهمة لى). الناس تعاطفت مع يسرا اللوزى، وفى النهاية اعتذر لها المسىء، سوسن بدر تعرضت للسخرية وهى تنعى أحد الزملاء، على اعتبار أنه لا تجوز عليه الرحمة، وكان ردها الدائم أنها الله أعلم بالقلوب، ونقطة ومن أول السطر.
المسؤولية الاجتماعية تلزم الشخصية العامة بضرورة التحلى بالثبات الانفعالى.. عندما يتعرض الإنسان لضغط نفسى عليه ألا يصبح مجرد رد فعل، يظل صاحب الفعل ممسكا بزمام المبادرة، يجب أن نتعوَّد السباحة في بحر نظيف، ولا يدفعنا أحد لِبِركة آسنة.
(البادى أظلم)، ومن يرد على الإساءة بمثلها أكثر ظلمًا، فهو يمنح التجاوز اللفظى والانفلات الحركى التربة الصالحة لكى ينمو ويترعرع.
فقط يكفى أن نتعلم جميعًا مبدأ (نقطة ومن أول السطر)!.
التعليقات