هناك الكثير منن البدايات أو المقدمات التي من الممكن أن تكون مدخلا لسرد سيرة ذاتية لشخصية فذة منفردة قلما يجود بها تاريخ الموسيقى في مصر والعالم العربي أجمع، قد تكون البداية من الأجداد ونسلها المتتابع من الاب الذي لم يؤيد الفكرة لكون الموسيقى يمكن أن تمارس كهواية وليست كمصدر دخل ثابت أو من خلال العم صاحب الأياد الذهبية – العبقري أبوبكر خيرت الذي تتلمذ عليه الموسيقي عمر خيرت، أو من خلال العزف على الدرامز كبداية غير منطقية لتطور السيرة الذاتية حتى كتابة هذه السطور، وقد أسلك مسلكا آخر لنحكي قصة وتاريخ اسم العائلة – عائلة خيرت التي تحمل أسما لشارع كبير فى حي السيدة زينب ولا نجد إجابة واضحة في كتب التاريخ عن سبب تسمية هذا الشارع الطويل في الحي العريق رغم أن المنطقة المحيطة بها – حي المنيرة الذي يتقاطع مع شارع خيرت / فحي المنيرة يحمل أسم تلك الهانم منيرة سلطان أبنة السلطان العثماني عبد المجيد الأول التي تزوجت من الاميرابراهيم الهامي باشا ابن والي مصر عباس الاول والذى بنى لها هذا القصر العتيق في سبعينيات القرن التاسع عشر، أما لاظوغلى الميدان القريب من شارع خيرت فهو ذلك الرجل الذي جاء الى مصر برفقة محمد على باشا عام ألف سبعمائة تسعة وتسعون ميلادية ليشترك في الحرب ضد الفرنسيين فى مركة أبو قير البرية لحساب الامبراطورية العثمانية ،والذى كان بدورة الرجل الثاني فى دولة الباشا محمد على فى وقت من الاوقات رغم عزوف لاظوغلى باشا عن الظهور رغم أدواره المتعددة ، وعلاوه على شارع بورسعيد الشارع الاهم فى تلك المنطقة العتيقة ولايحتاج اسمه شرحا أكثر من كونه يمثل المدينة الباسلة التى عانت الكثير خلال ويلات الحروب آنذاك .
فى النهاية يحمل الشارع أسم خيرت – أسم الاجداد الذين سكنوا المنطقة وهذا يكفي
لو تحدثنا عن الجد الأكبر عبيدالله الذي كان يؤمن بأن الفن متعة وتلك المتعة لاتأتي دائما بالمال لذلك أصر أن يحقق أبناؤه الاربعة ( الذي تم تسميتهم عمر وابوبكر وعثمان وعلى) تيمنا بأسماء الخلفاء الراشدين – أن يجدوا لأنفسهم أعمال أخرى فكان كل منهم نموذجا شامخا يهتدى به فى مجاله على حدة
ورغم نبوغ الابناء فى تخصصاتهم فأنهم جميعا كانوا لامعين بدرجة مدهشة فى موهبتهم الموسيقية التي صارت الاجيال تتوارثها جيلا بعد جيل وكأنها جينات طبيعية يمتزج فيها حب الموسيقى مع التمرد على ماهو مألوف حولنا ، وقد شاء القدر ألا ينجب أحد من أعمام الموسيقى عمر خيرت سوى أباه والذى له خمس أبناء من الذكور ( محمود وأبوبكر وعثمان ومحمد والمتمرد عمر)
بدأ عمر خيرت المتمرد بعزف الدرامز ةعمره سبعة عشر عاما فى فرقة "ريد جيتس" التى تم تسميتها فيما بعد " سليبينج بيلز" وهى فرقة تأثرت بشكل كبير بالموضة التي أطلقها فى العالم فريق البيتلز فى ستينات القرن الماضى ، وقد جاء دور المتمرد صدفة بحته لعزف الدرامز حيث أن عازف الدرامز الاساسى فى أحد الحفلات المقامة بالمعمورة فى مدينة الاسكندرية كان قد التحق دون سابق انذار بالكلية الحربية ،فتن اختيار المتمرد عمر خيرت بتصفيق من الشباب للقيام بهذه المهمة فأحب الالة الموسيقية وعزف " صولو "
في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات كانت فاتن حمامة الاسطورة فى عز مجدها ، وقد دعى أحد الاصدقاء الموسيقار عمر خيرت الى احتفال أقامه الدكتور محمد عبدالوهاب وفاتن حمامة احتفالا بعيد زواجهما بمطعم الهيلتون ، وقام عمر بعزف على البيانو ليفاجئ بعد الانتهاء من العزف بآعجاب شديد من فاتن حمامة بهذة السيفونية وأخبرته " احنت ليه مش بنسمع الحاجات الحلوة دى " فأخبرها المتمرد أنا فنان ومش هروح أخبد على الناس عشان يسمعوني ، ومن هنا كانت البداية للانظلاق فى " ليلة القبض على فاطمة "
الكتاب أعمق بكثير من أن يتم سرد بعض الكلمات البسيطة فى مقال يتحدث عن هذا التاريخ العريق ، وجدير بالقراءة من الجلدة للجلدة .
التعليقات