أفضل ما يمكن لشخص أن يمنحك إياه ليس الحب بل هو الأمان.
كنت أعرف صديقة تُرَبي الكثير من الطيور، لم تغلق باب القفص عليهم يومًا، يذهبوا للخارج، يمرحوا ويسعوا وقبل المغرب كانوا دائمًا يعودون بإرادتهم إلى أقفاصهم لينعموا بالأمن والأمان.
يتساءل الكثير منا لو كان لنا الاختيار في البقاء أو الخروج من حياة بعضنا البعض فمن يختار أن يبقى؟ ولماذا يبقى؟ وكيف يختار أن يعود بإرادته دومًا لعلاقة بها من المسؤوليات والالتزامات ما يثقل كاهلنا في كثير من الأحيان؟
من أجمل وأقيم الأشجار التي عرفها الإنسان هي شجرة البلوط أو السنديان. تنمو ببطء، وفي العادة لا تحمل ثمارًا حتى تبلغ حوالي 20 سنة من العمر. تعيش هذه الأشجار عادة لوقت طويل يتراوح بين 200 و 2000 عام، وقد تكون مستديمة الخضرة أو متساقطة الأوراق.
هذا النوع من الأشجار كثيف الخضرة ضخم التاج، يصل بعضها إلى ارتفاعات أعلى من 30 مترًا. كثافة الخشب عالية جدًا لذلك فإن جودته شديدة ومقاوم للأمراض.
عرف القدماء السنديان ونسجوا حوله الكثير من الأساطير، وقد كان الرومان يضعون فروعه المورقة أكاليل على رؤوسهم، وكانت "قصور العدل" تعتبرها شعارًا لها. هي كذلك الشجرة الوطنية في الأردن.
بمجرد أن تكتشف الشجرة انخفاضًا في كمية ضوء النهار ، فإنها تبدأ في تقليل كمية الكلوروفيل التي تنتجه وتسعى لإسقاط أوراقها. وهذا الانخفاض في الكلوروفيل يسمح لنا برؤية الأصباغ الأخرى التي كانت موجودة دائمًا في الأوراق، ولكنها غير مرئية بسبب الكمية الهائلة من الكلوروفيل (مثل الأصفر والبرتقالي والأحمر).
لعلها من أجمل أشجار الدنيا فهي بهية في قوتها ومذهلة وجذابة في أوقات ضعفها.
هي شجرة زينة رائعة، مصدر للأخشاب ومصدر للأعلاف وتُستخدم العديد من أنواع أشجار البلوط في استخراج مادة التانين المستعمل في دباغة الجلود وصنع الحبر الأزرق المسودّ، ولها العديد من الفوائد الطبية العلاجية.
داخل تاجها وعلى أخاديد ساقها، يعيش آلاف الطيور والحشرات.
أحب أن أن أطلق على البلوط "شجرة المحبة" فهي تأوي بداخلها الكثير من الحيوات.
تخيل معي يا صديقي أن تكون شخصًا ناضجًا تُنتج في شبابك، عندك من الذكاء ما يجعلك تتكيف مع ظروفك الخارجية قادرًا على أن تستغني عن جزء من نفسك ومع ذلك تظل مُشرق وبديع.
ألا تفضل أن تبدو صلب الظهر مورق القلب كثيف الظل مُحبب للنفس؟ ألا تفضل أن تمتلك نفس طويل على متاعب دنياك وتظهر دائما في أجمل صورك مهما تغيرت عليك الحياة؟
ألا تود أن تكون مثل شجرة البلوط؟
ألا تود أن تبقى وارف الظلال لكل من أحببت وكل من اِحتاجك؟ ألا تود أن تبدو بهيّ حتى وأنت تخسر جزء من روحك؟ ألا تود أن تعمر في الأرض وتكون صورتك الذهنية رائعة عند الجميع؟
أريد أن أزرع شجرة بلوط، لا … بل أريد أن أكون أنا شجرة البلوط التي تجيد بث الأمان.
الحياة بلا عطاء ظلام، هكذا علمني والد زوجي رحمه الله. "العطاء متعة" وتلك كانت أكثر الكلمات التي تجري على لسانه ليسقي بها أحبته كل يوم.
هل تظن يا صديقي أن نقص الحبر يجعلك تتوقف عن الكتابة؟ لو كنت مثل شجرة البلوط ما نفذ عنك حِبْرَك أبدًا؛ بل عدم فعل ما تقول وتتمنى هو ما يوصلك لقمة ضعفك، عدم قدرتك على المثابرة، وعدم تحَلّيك بالشجاعة الكافية والعزيمة لتكون ما يجب عليك أن تكون.
ولعل أكثر ما يقتلنا إننا لا نُصِّر أن نستمر سعداء.
ألا ترى أنك تقاتل الهواء في دنياك؟ لا أحد يمكنه قتلك لو كنت ميتًا بالفعل!
الود يطيل العمر والمحبة تدفئ القلب أما الحب فهو أثرك الخالد وإن فارقت دنياك.
كن على قيد المودة شريك في عمر أحبابك.
اذهب للحج داخل قلوب أحبابك كل يوم فلو كان الحج ركن الإسلام فإن الحب هو شجرة البلوط وأمانها الذي سيستمر من خلالهم أثرك للأبد.
التعليقات