إن بيئة الإعلام الراهنة في جميع أنحاء العالم تسير على نهج واحد .... حيث تهدف معظمها إلى الربح المادي فبدلا من إجراء تحقيقات صحفية على قضايا ومشكلات اجتماعية حقيقية .... يتم اختيار قضية واحدة مسيئة إلى حد ما ويتم التركيز عليها .... حيث يتم بثها على الجمهور بصورة تشعل الغضب وتلفت انتباه الجميع .... وبعد أيام عندما يبدأ هذا الغضب في الفتور تدريجيا يتم بث القضية نفسها ولكن بصورة تثير غضب جزء جديد من الجمهور وهكذا دواليك .... حيث تكرر هذه العملية لفترة ليست بقصيرة .... ويتم بذلك تجاهل عدد من القضايا حدثت وانتهت في هذه الفترة ولم يسمع عنها أحد ....
ولو حدثت هذه المشكلة بغير قصد لأن الهدف الأساسي كان الربح وليس التشويش أو التستر على حدث آخر فهذا لا يبرر الموقف .... فالنوايا الحسنة لا تكفي في كثير من الأوقات ....
هذا ما أشار إليه المعلق الإعلامي "رايان هوليداي" في كتابه تحت عنوان "إباحية الغضب"
قضية مقتل الطالبة الجامعية "نيرة أشرف" هي واحدة من أشهر القضايا التي حدثت في الآونة الأخيرة .... حيث قتلها من أحبها وهو زميل لها في الجامعة .... متفوق في دراسته وارتبط اسمه بحسن الخلق والالتزام ....
شغلت القضية جميع المنصات الإعلامية وعلى رأسهم مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك عقول وألسنة الجمهور لأيام .... تأثرا بهذه الجريمة البغيضة التي اختطفت أغلى ما لدي أسرتين .... ولكن بطبيعة حال الدنيا ... فالحياة تستمر فلن تتوقف على موت أحد .... فالتفت كل شخص إلى عمله .... لنجد خبرا جديدا عن أن السبب وراء القتل هو أخلاق الفتاة وما شابه ذلك ليثور الناس من جديد ويتحدثون ويتخاصمون مفسرين ما يحدث بالدين واستمر هذا لأيام إلى أن هدأت الأمور .... ليعود الأمر من جديد بحديث عن احتمالية نجاة القاتل من تهمة القتل عن عمد نظرا لثبوت أنه مريض نفسي وأن الضحية هي من تسببت في ضياعه بألاعيبها .... لنجد أن هذه القضية شغلت الرأي العام لأكثر من أسبوعين مع كونها مجرد جريمة قتل تحدث منذ بدء الخليقة وستحدث إلى نهاية هذه الدنيا فالشر حقيقة مثلما الخير حقيقة وهما مرتبطان إلى قيام الساعة .... ولكل جريمة مبرر عند مرتكبها ولكن هذا المبرر لا يعني أحقيته بارتكابها ولو تعاطفنا معه .... إنه شاب في أوائل العشرينات .... متفوق في دراسته .... لديه مستقبل باهر .... البنت كانت غير محجبة .... أخطأت في حقه أو لم تخطئ .... فالنتيجة واحدة فهو قاتل عن عمد وهي ضحية لم تستحق ما حدث لها طبقا للشريعة والقانون .... وما حدث من جدل ونقاش وخوض في شرف نفس قتلت غدرا لأكثر من أسبوعين لم يغير النتيجة المحتومة على الجاني وهي تنفيذ عقوبة الإعدام شنقا ....
ميزنا الله سبحانه وتعالي عن جميع المخلوقات بالعقل .... وحرم علينا ما يذهبه .... لأن العقل لو غفل للحظة تصبح ضعيفا سهلا أن تنقاد .....
التعليقات