* أحمد زاهر أراد أن يكون بطلاً مُطلقاً وبطل "حركة" جديد يرث عرش "السقا" فتحول إلى مسخ من "سوبرمان" و"باتمان" وكل أبطال "الكوميكس" والشخصيات الخارقة !
* كاتب ومخرج الفيلم كان عليهما أن يشاهدا ثلاثية أفلام محمد خان ليعرفا كيف يكون «فارس» !
ليست سُبة، ولا وصمة، أن تكون واحدا من ممثلي الأدوار الداعمة، كما أصطلح علي تسميها في المحافل السينمائية الراقية، وأن تتطلع لأن تكون نجماً أوحداً، تبدأ، وتلتقي، وتنتهي، عندك الخطوط الدرامية، والأحداث، طموح مشروع، في حال اخترت التوقيت الصحيح، وامتلكت من المقومات، والمؤهلات، ما يجعلك لا تتعجل خطوة كهذه، وهذا بالضبط - في رأيي – الخطأ الذي ارتكبه أحمد زاهر في تجربة فيلم "فارس" !
فقد اراد ان يكون بطلاً مُطلقاً، ويُجسد شخصية محورية، "من الجلدة للجلدة"، وبطل "حركة" جديد، يرث عرش "السقا"، وإذا به يتحول إلى مسخ من "سوبرمان" و"باتمان"، وكل أبطال "الكوميكس"، والشخصيات الخارقة !
فارس القرية المجهولة !
هنا لابد أن نتوقف عند كاتب الفيلم حسام موسى، ونسأله :"ألم تشاهد إبداع المخرج الكبير محمد خان في ثلاثيته الشهيرة : "طائر على الطريق"(1981)، تأليف بشير الديك، وبطولة أحمد زكي، و"الحريف"(1984)، تأليف بشير الديك، وبطولة عادل إمام، و"فارس المدينة"(1993)، تأليف فايز غالي، وبطولة محمود حميدة، لترى كيف يكون "فارس"، مُعبراً عن هموم، ونبض، مجتمعه، بدلاً من أن تقدمه نبتاً شيطانياً، في قرية لم نر فيها إلا عائلته المكونة من أبيه «مصطفى النمر» (صلاح عبدالله) وشقيقته «سماح» (ملك أحمد زاهر)، يدخل في صراع عبثي، لتخليص مطربة راب، تُدعى «وعد» (إيمان العاصي)، من فاسد وشرير، هو «رشيد السويفي» (حسين فهمي)، يرى نفسه "دولة"، بينما هو حقير، خسيس، صاحب نزوات منحطة، يغتصب خادمته، وكريمة خفيره، و"يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، وزوجته «ملك» (اللبنانية باميلا الكيك)، التي كانت يوماً سكرتيرته، وصارت نائب رئيس مجلس إدارة شركته، تخونه مع ذراع بطشه «ناصف» (عابد عناني)، وتجمع الوثائق التي تقوده إلى حبل الإعدام، لترثه !
هكذا وجد «فارس النمر» (أحمد زاهر)، عامل محطة البنزين، نفسه، مُجبراً على الدخول في مواجهة لا طائل من ورائها، لمجرد أنه وقع في حب مطربة الراي، من أول نظرة، وراح يُخلصها، معركة بعد الأخرى، من جيش جرار من مفتولي العضلات، بحجة أنه كان "رياضي علي خفيف، وجندي قديم في الصاعقة"، يستقل الدراجة، وهو في طريقه إلى عمله، ويُحيي، على غرار عبد الحليم حافظ في فيلم "شارع الحب"، أهل قريته، الذين لا نراهم !
بناء درامي غليظ، وهش، تتخلله أغان فجة، لمطرب يدعى شاهين وآخر يُسمى مُسلم، بينما أغرقنا مدير التصوير والمخرج رءوف عبد العزيز في مطاردات، ومعارك، لا تكاد تنتهي الواحدة منها، حتى تبدأ أخرى، وفِي حين نجأر بالشكوى منها، ومن ركاكتها، يُقال لك إنها من تصميم خبراء في المعارك !
على الجانب الآخر لا يجد المتابع مشقة في أن يكتشف، منذ الوهلة الأولى لظهور المحامي «رياض» (أحمد صفوت)، خسته، ونذالته، وأنه سيبيع موكلته «وعد» للطغمة الفاسدة، في مقابل تحويل حفنة من المال على حسابه في الخارج، ولحظتها لا ينبغي أن تندهش، لأن ما فعله أحمد صفوت من عدم اجتهاد، وقصور واضح في الإلمام بالشخصية، هو سمة الأداء التمثيلي لكل المشاركين في فيلم «فارس» ربما باستثناء اللبنانية باميلا الكيك ورنا رئيس، التي جسدت دور الخادمة المُغتصبة، ومنة فضالي، التي جسدت دور «مها» ، سكرتيرة المحامي، اللعوب، والأنثى القادرة على أن تبيع كل شيء من أجل المال، ورغم المساحة المحدودة للدور نجحت منة فضالي في تجسيد الشخصية ببراعة، وجرأة، لم يتوافرا لبقية الممثلين، الذين اكتسى أداؤهم بالمبالغة، ولم ينج من هذا ضيوف الشرف؛ مثل : محمد جمعة ومحمد الصاوي ونهال عنبر، التي ضربت مثالاً صارخاً للفوضى العارمة، التي جعلت أصحاب الفيلم عاجزين عن التفريق بين النظر الضعيف وكف البصر !
دروس مجانية !
وسط هذا الغث يصدمك الفيلم، أيضاً، بكم من الدروس الأخلاقية المجانية، عن صورة البطل التي تغيرت بتغير الزمن، وعندما يُحدثك صلاح عبد الله عن "الفتونة التي كانت جدعنة، والجدعنة التي كانت للخير"، تتأكد أن الكاتب اختلط عليه الأمر، ولم يستطع أن يُفرق بين "الفتونة" و"الجدعنة"، مثلما فات عليه، والمخرج قبله، أن يُفرقا بين "فلاحة البندر"، التي جسدتها ملك أحمد زاهر، وابنة القرية المصرية، فضلاً عن سخافة وصف البطل للمطربة بأنها "بتلمع وبتطلع نور أصلي بكرتونته" . أما محاولة تحميل الفيلم معان، ورسائل؛ كقول «فارس» :"الواحد ماكانش ماشي جنب الحيط ده كان ماشي جوه الحيط"، و"الغلابة لهم رب"، فهي رسائل تتناقض وصورة البطل، التي أرادها الفيلم، وتنسف الهدف منه !
التعليقات