يقال أن الانطباعات الأولى تدوم وقد يصدق ذلك المثل أو لايصدق أحياناً، ولكن مما لاشك فيه أن البدايات الأولى والبيئة الصعبة أو الجافة التي يتربى في كنفها بعض الكتاب والفلاسفة قد تكون عاملا أساسيا في تكوين ملامح شخصياتهم حتى الممات ، بل ومن الشائع جدا أن تؤثر تلك البيئة الجافة على كتاباتهم وأفكارهم ، لتخرج لنا تجارب حياتية مختلفة لم نسمع عنها من قبل .
ألبير كاموالمولود في الجزائر من أب فرنسي قتل بعد عام واحد فقط من ولادته أثناء اشتراكه في الحرب العالمية الأولى ، وأم أسبانية صماء و الملقب بالعبثي أحد أهم الشواهد على ذلك .
أهتم في بداية حياته بالرياضة ، ولكن إصابته بالسل في سن السابعة عشرأجبرته عن عدم ممارسة لعبة كرة القدم فتوقف عنها مرغما ً ليكتب بعد ذلك عن تلك المأسأه قائلا : كل مأعرفه عن الأخلاق أدين به لكرة القدم .
تدور رواية الغريب أولى رواياته التي سطرها أواخر عام 1942 ميلادية ، والتي تتخذ المنهج العبثي أساساً واضحا لها ، عن شاب جزائرى فرنسي يدعى " ميرسولت تتوفى والدته فجأة ، فيظهر جل مشاعر اللامبالاة حتى يستطيع إستيعاب تلك الصدمة وفي ذلك منهجا مختلفا لمعالجة المصائب والكوارث القدرية والتى لادخل للانسان فيها ، وإمعانا في إستيفائه مظاهر العبث وعدم الاكتراث لهذا الحدث الجلل ، نجد الشاب منخرطا في علاقة مع فتاة كانت موظفة سابقة فى شركته تدعى ماريا وذلك في الليلة التالية لوفاة والدته ، والأغرب من ذلك يذهب لصديق قديم له مقدما مساعدة مجانيه في مشكلة له مع جاره ،وتارة أخرى يقوم بتعريف صديقه على عشيقته ، فيتهمها بالخيانة ويبصق في وجهها في نهاية الأمر الذي أبتدعه بنفسه وكأنه يخلق القدر بأفكاره ليتهكم عليه ويسخر منه وينتقم من أجوائه.
الرواية فلسفية عبثية تدعو للتأمل والتفكير المفرط ، فهل يمكن للمرء أن يخلق قدرا لايتوافق مع أهوائه ليعاقبه وذلك كأحد أنواع التأقلم على مجريات الحياة وأقدراها ؟ ؟
التعليقات