• الإضافة الحقيقية للجزء الثاني من «المداح» في ربطه بين السحر الأسود والأفعال الشيطانية الإسرائيلية
• «ملف سري» تجاهل كل القضايا المثيرة للجدل وتحول إلى مسلسل حركة عن مافيا العائلات
تحولت «الْفُرْجَةِ» على مسلسل «الاختيار 3»، الذي يُقدم تحت عنوان "القرار"، بمثابة طقس يومي، يواظب المصريون على انتظاره، كانتظار «مدفع الإفطارِ» في الزمن السعيد.
الاختيار 3
هنا لابد أن نتساءل، مُجدداً، حول الأسباب، التي أدت إلى هذا التجاوب الجماهيري الكبير، مع حلقات الجزء الثالث، رغم النظريات، التي تُجزم أن استثمار نجاح الجزء الأول من العمل الفني، في أجزاء أخرى تالية، خطوة، بل مغامرة، محفوفة بالمخاطر، ورهان ربما لا تُحمد عقباه. وفي أغلب الأحيان لا يكون النجاح بنفس الشكل، والقدر، وهو ما لم يحدث مع «الاختيار 3»، الذي قلب الموازين، ونسف المعادلات، والحسابات، وحقق، على عكس التكهنات، نجاحاً كبيراً، على الصعيد الشعبي؛ وهو ما تقول به نسبة المشاهدة، التي فاقت كل تصور، وتوقع.
القاتلة في انحراف
حدث هذا، رغم ما يُشاع، دائماً، بأن الجمهور لا يُفضل، عادة، متابعة الأعمال الفنية، التي تعتمد على "الفلاش باك"، أو تلك التي تسرد أحداثاً قريبة من ذاكرته، لكن كل شيء هوى، وانهار، مع أولى حلقات الجزء الثالث؛ فالعمل يستدعي ساعات وأيام، مازالت حية، بل ساخنة، في الذاكرة المجتمعية المصرية، بل أنه يُذّكر المصريون بوجع ظنوا أنهم داووه، ونسوه، وإذا بهم يواجهونه، على الشاشة، لكنهم، مع هذا، تجاوبوا مع ما قُدم لهم، وكأنهم يعيشونه مرة أخرى. والمُثير أن الكثيرين أدركوا، مع توالي الحلقات اليومية، أنه فاتهم الكثير، وأن متابعة ما قُدم من معلومات، ووثائق، دفع الغالبية العظمى منهم إلى قراءة ما جرى بشكل جديد، ولا أبالغ إذا ما قلت إن الجزء الثالث، نجح، كما حدث مع الجزئين السابقين، في تغيير قناعات كثيرة خاطئة، كان يّظنها البعض بدهيات ومُسلمات، وفجأة أدركوا أنهم تعرضوا، طوال المائة يوم السوداء، وما قبلها، لما يُشبه "غسيل المخ"، الذي مورس عليهم من قبل "جماعة" ضالة، ومُضللة، خدعت الناس، وغررت بهم، باسم الدين، وجاء مسلسل "الاختيار"، مدعوماً بالوثيقة، ومُسلحاً بالصوت والصورة، و"شهادة شاهد من أهلها"، ليفضح أفكارهم، ويُعري أفعالهم، ويكشف جرائمهم في حق هذا الشعب الطيب، الذي كانت السماء رحيمة به، فأذنت باقتلاعهم من جذورهم .. وكان "القرار".
توبة
بين المشوار.. وتوبة
مفارقة كبيرة بالطبع أن يجد المتابع لدراما رمضان نفسه أمام عملين، هما «المشوار» و«توبة»، استلهم أصحابهما أحداثهما من فيلم "المشبوه"، الذي كتبه العظيم إبراهيم الموجي، وفي حين اتسم «المشوار» بالهدوء الصارخ، والإنجاز البصري، والحرفة الإخراجية الرائعة، سقط «توبة» في فخ الصراخ الفج، والحس التجاري المُستفز، الذي استمرأه المنتج صادق أنور صبَاح، وكأنه يرى أن «ملوك الجدعنة»، هو المثال والقدوة، بينما يُبهرك، في المقابل، ما يجري في «جزيرة غَمام»، من ملحمة بصرية ودرامية؛ إنسانية وسياسية، كتبها عبد الرحيم كمال، وأبدعها حسين المنباوي، وتفوق في أدائها التمثيلي أحمد أمين، فتحي عبد الوهاب، طارق لطفي ومعهم رياض الخولي ومحمود البزاوي ومي عز الدين. أما «ملف سري»، فهو الملف، أو المسلسل، الذي يمكن القول إنه خدعنا، بعد أن كانت معقودة عليه الآمال، في أن يُصبح المسلسل الأكثر للجدل؛ فقبل كل حلقة من حلقات «ملف سري»، تتصدر لوحة تؤكد أن «أحداث العمل تدور في عام 2013»، وأنه «يرصد فترة من أصعب الفترات التي مرت بها البلاد»، وبمراجعة أهم القضايا، الي جرت أحداثها عام 2013، بدا وكأن «ملف سري»، يتناول قضية اقتحام الحدود، وأن هاني سلامة، الذي يُجسد شخصية المستشار يحيى طاهر عز الدين، في المسلسل، الذي كتبه محمود حجاج، هو المُعادل الدرامي لشخصية المستشار خالد محجوب، رئيس محكمة الاستئناف، الذي فجر قضية تخابر قيادات جماعة الأخوان مع جهات أجنبية، لتهريب السجناء، إبان ثورة يناير 2011، ما دعا تنظيم الأخوان إلى التخطيط لمنعه من قول الحقيقة، حتى لو أدى الأمر إلى التخلص منه (!) ومع انحراف الأحداث عن هذا المسار، وانتقالها إلى العلاقة المتوترة بين المستشار، وعائلة المالكي المتهمة في قضية فساد كبرى، ضمن أحداث المسلسل، اتجهت الأنظار إلى قضية الفساد الكبرى، التي عُرفت في مصر باسم «قضية المليار دولار»، لكن المسلسل، الذي أخرجه حسن البلاسي، يُخيب كل التوقعات، وينقلب إلى مسلسل حركة، عن المافيا، وأباطرة تهريب الألماس، بينما يتحول هاني سلامة، الذي يُفترض أنه مستشار، إلى «سوبرمان» !
مشوار ماهر وزوجته ورد وابنه رحيم مع القهر
للموسم الثاني على التوالي، يواصل حمادة هلال نجاحه الكبير، الذي حققه في الجزء الأول من «المداح»، بنفس الشعبية والجماهيرية، في «المداح 2» (أسطورة الوادي)، للمخرج أحمد سمير فرج، لكن الإضافة الحقيقية لهذا الجزء في ربطه بين الدجل والشعوذة، والسحر الأسود، وبين الأفعال الشيطانية الإسرائيلية، بينما بذل المخرج، ومدير التصوير، رءوف عبد العزيز، في «انحراف»، جهود كبيرة لبلوغ نجاح «الطاووس»، الذي أحدث دوياً كبيراً، في رمضان الماضي، إلا أن «انحراف»، أصاب مشاهديه بحيرة بالغة؛ بين البطلة «حور» (روجينا)، الطبيبة النفسانية، بالاسم، بينما توحي أفعالها، طوال الأحداث، بأنها كانت تتمنى لو كانت صحفية ، جعلت من نفسها القاضي .. والجلاد !
المستشار يحيى في ملف سري
بين أعمال درامية نالت رضاء جمهور المشاهدين، وأخرى أصابت قطاعاً كبيراً منهم بخيبة أمل، يبقى الرهان قائماً على أن الحظوظ مازالت قائمة، والفرصة مازالت سانحة، للتعويض، في الأسابيع المتبقية من الشهر الفضيل، بما يعني أن الحسم مازال بعيدا، والكلمة النهائية في علم الغيب.
التعليقات