الرقابة والحماية؛ ما الفرق بينهما؟ ومن يحق له اختيار الرقيب والحامي.
"لا يحق لك أن تخفى عنى سرا لذلك سأرى جميع مراسلاتك الشخصية ودفاتر يومياتك بشكل دوري".
يظن الآباء أن بهذا التصرف يمنعون أبنائهم من الوقوع في الخطأ، ولكنهم هم المخطئون؛ لأن بهذا يظن الأولاد أن بإمكانهم فعل ما يشاءون ولكن من دون علم الرقيب والمعاقب الوحيد الذي عرفوه.
وفي الجانب الآخر إذا ذهب أب مع ابنه ليخيط جرح ما في يده، وبدون أية مقدمات أمسك بيده جيدا كي لا ينجرح أكثر، فيبدأ الولد في بذل قصارى جهده أثناء الألم لكي يفلت يده من قبضة أبيه حتى وإن ازداد الأمر له سوء.
الموقف الأول سيخلق ولدا يسعى دائما للهروب من الرقيب الذي يترقى من والده لمعلمه لصاحب عمله؛ ولكن لو أخبره الأب من البداية بما يجب فعله وما لا يجب، وصنف له الأخطاء من الناحية الدينية والأخلاقية، وأخبره بعادات وتقاليد المجتمع الذي نشأ فيه؛ لعرف من هو الرقيب الأعلى الذي لا يغفل ولا ينام، وأن السلطة تعلو عن ذلك الأب الذى يراقب كمتفرج ولا يدرى ما يحدث فالكواليس ، وأن الأب يخطئ مثله وعليه رقيب.
والموقف الثاني سيخلق ولدا اعتماديا متكلا على غيره حتى في حماية نفسه، ولكن لو أخبر الأب ابنه من البداية أنه سيتألم كثيرا ولكنه ألم لا بد منه للعلاج وأنه لا يجب أن يتحرك حتى لا يزيد ألمه؛ فسيبذل الولد مثل جهده الأول مع تحمل نفس الألم ولكن كي لا يحرك ذراعه حتى لا يتألم أكثر.
"يجب أن تشفق على ولدك؛ من إشفاقك عليه." الإمام على بن أبى طالب -كرم الله وجهه- أو كما يذكر في الأدب الإنجليزي "الأم النشيطة تعلم ابنتها الكسل." فاعلم أنه سيأتي اليوم الذي ستترك فيه ابنك فإذا لم يتعلم منك فسوف يتعلم من الأيام وأنت تعلم صعوبة دروس الأيام.
تنشئة طفل ليس بالعمل السهل فكل موقف يمر به هو درس بالنسبة له؛ فإذا رآك تصلى فسيصلى، وإذا رآك تغتاب فسيغتاب، فلا تأمره بما لست عليه، ولا تنهاه عما تفعله أمامه.
"أنت ممنوع من أكل البطاطس المقلية لأنها مضرة بالصحة ولكن أنا سآكلها أمامك".
بيدك أن تنشئ طفلا يصبح بعد ذلك فردا سويا في مجتمعه، وبيدك أن تنشئ طفلا يصبح داء في مجتمعه ولكل منهما أجر.
فكفانا مرضى، فلم نشبع بعد من الأسوياء.
وستظل أجمل جملة سمعتها في حياتي وما زلت أسمعها " اتفقت أنا وزوجتي أن نربى أبنائنا على الأخلاق والقيم لنقدمهم للمجتمع أبا عظيما وأما فاضلة ولكننا اكتشفنا ونحن نربى أبنائنا أننا نربى أنفسنا معهم ".
التعليقات