في تحدي واضح لتداعيات كورونا وتأثيرها على حركة السفر، يواصل إكسبوا دبي 2020 نجاحه حيث تستقطب الأجنحة المشاركة، ومنها الجناح المصري، ملايين الزائرين من مختلف أنحاء العالم، وهذه المرة الأولى يقام فيها المعرض الذي تستمر فعالياته حتى نهاية مارس 2022 في الشرق الاوسط، بما يفتح المجال لدول المنطقة لاستضافة هذا الحدث الدولي الكبير الذي يحقق عوائد اقتصادية تبلغ مئات المليارات فضلا عن عوائده الثقافية والحضارية، فلماذا لا تفكر القاهرة في استضافة المعرض في دورته 2030 أو التالية.
إن الفوز باستضافة هذا الحدث الكبير يحتاج إلى إعداد مبكر وجهود مضنية تستمر لسنوات، وتنسيق وعلاقات دولية قوية، وقد اتيح لي خلال عملي بأبو ظبي متابعة ملف استضافة دبي لاكسبو 2020 والجهود الحثيثة والمتواصلة التي بذلتها الدبلوماسية الإماراتية والتي اسفرت عن فوز مشرف لمدينة دبي باستضافة إكسبو 2020 . حيث حصلت دبي على 116 من أصوات الدول الـ 165 الأعضاء بالجمعية العامة للمكتب الدولي للمعارض في الجولة الاخيرة، متغلباً على عروض مدن: ساوباولو البرازيلية، وإيكاترنبُرغ الروسية، وإزمير التركية.
واختارت الإمارات شعار (تواصل العقول.. وصنع المستقبل) عنوانًا لحملة استضافة المعرض، الذي يقام كل خمس سنوات ويستمر لفترة أقصاها 6 أشهر. ويعتبر من أبرز المحافل العالمية لتشجيع الابتكار الإنساني والإبداع والحث عليها لإيجاد حلول خلاقة تساعد الإنسان على التغلب على ما يواجهه في حياته من تحديات، وتعينه على اكتشاف آفاق تنموية جديدة والاستفادة منها. فهو وجهة عالمية للملايين الراغبين في الحصول على تجربة فريدة في تطوير الإبداع البشري. حيث يربط دول العالم من خلال منصة واحدة تعرض فيها الدول أحدث ابتكاراتها واختراعاتها، ويتم فيه تبادل الأفكار والرؤى والحلول الجديدة لكثير من مشاكل العالم الملحة.
ومنذ نشأتها، قدمت معارض إكسبو الكثير من الاختراعات العظيمة في مقدمتها الكمبيوتر، والتلفزيون والمعدات التكنلوجية. كما تترك هذه المعارض آثاراً مهمة للدولة المضيفة تعوض ما تم إنفاقه من موارد، وعلى السبيل المثال هناك الكثير من المعالم الشهيرة شيدت بمناسبة اكسبو وبقيت بعد انتهاء فعالياته، منها: برج إيفل (باريس) وأتوميوم (بروكسل)، وإبرة الفضاء (سياتل)، ويونيسفير (نيويورك).
ومما يميزه أنه ليس معرضاً متخصصاً كالمعارض التي ترتبط بقطاع معين، إنما هو معرض شامل، بما في ذلك فنون وثقافة وحضارة الدول المشاركة. لذا تحرص غالبية دول العالم على المشاركة فيه، والاستفادة من مردوداته كحلقة وصل بين الدول، في مجالات وقطاعات مختلفة.
وتحقق الدول المضيفة للمعرض الكثير من المزايا التي لا تقتصر على العوائد الملموسة، مثل النمو الاقتصادي المباشر وتطوير هياكلها الأساسية والبنية التحتية، وإنما هناك مزايا أخرى تتمثل في بناء علاقات دولية أقوى بين البلدان المعنية وتوطيد العلاقات الثقافية والدبلوماسية وتشجيع تبادل المعرفة في مختلف المجالات.
و تشارك 40 الف شركة صغيرة ومتوسطة الحجم من أكثر من 150 دولة في إكسبو 2020. الذي من المتوقع أن يستقطب 25 مليون زائر ، ويحقق عوائد اقتصادية تصل إلى نحو 100 مليار دولار، تشمل استقطاب استثمارات أجنبي في عدة قطاعات كالعقارات والسياحة. كما يوفر حوالي 200 ألف وظيفة إضافية، فضلا عن أن استضافة دبي لإكسبو، تضع الإمارات في بؤرة الاهتمام العالمي بمجال تنظيم المعارض الدولية.
ويشكل المعرض منصة استثنائية تتيح للمجتمع العالمي التعاون معًا لاكتشاف الحلول المبتكرة والرائدة للمواضيع الفرعية الثلاثة التي تم تحديدها كعوامل رئيسة للتنمية العالمية، وهي أولا: الاستدامة: حيث تتزايد أهمية الابتكارات المميزة في مجال إنتاج وتزويد واستهلاك مصادر الطاقة والمياه النظيفة. ثانيا الأنظمة جديدة للنقل والخدمات اللوجستية التي تعتبر شريان الحياة. ثالثا: الفرص لتحقيق النمو الاقتصادي، فمن خلال منصة المعرض يتم تكريس نماذج جديدة لتدفق المقدرات المالية والفكرية الكفيلة بتعزيز روح ريادة الأعمال والابتكار.
وبعد أن فازت اليابان ، باستضافة «معرض إكسبو الدولي»، بمدينة أوساكا، عام 2025، تقدمت عدة دول بطلبات للفوز باستضافة اكسبو 2030، والسؤال هنا: لماذا لا تكون مصر من بين هذه الدولة؟ بخاصة وأنها قطعت شطورا كبيرا في الإصلاح الاقتصادي وتطور البنية التحتية كما لديها خبرة طويلة في استضافة المعارض الدولية، فضلا عما تمتلك من وجهات سياحية عالمية كفيلة بجذب الملايين.
التعليقات