* «سيرانو» في الافتتاح ..«برا المنهج» في الختام .. وصاحب «سينما باراديزو» رئيس لجنة تحكيم المسابقة الطويلة
* قرابة 138 فيلماً طويلاً وقصيراً من 67 بلداً تتحدث 34 لغة من بينها 25 فيلماً في عرضها العالمي الأول و48 فيلماً في عرضها العربي الأول و17 فيلماً في عرضها الأول في منطقة الخليج ..و800 ألف دولار جوائز السوق.
من قال إن زمن المعجزات ولى، وانتهى؟
ما يجري الآن فوق أراضي المملكة السعودية، وبالتحديد في مدينة جَدْةِ، الواقعة على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، والمُصنّفة إرثاً عالمياً، حسب اليونسكو، من استعدادات مكثفة لانطلاق الدورة الإفتتاحية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، التي تُفتتح يوم الإثنين المقبل، وتستمر حتى 15 ديسمبر المقبل، يوحي، بشكل قاطع، أن زمن المعجزات لم ينته؛ فمن كان يُصدق، بل مجرد ﺃﻥ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎله، يوماً، أن تتبنى السعودية مُبادرة لإقامة مهرجان سينمائي ؟ وكيف يتأتى لهذا المستحيل، والخارق للعادة، أن يتحقق، ويُصبح واقعاً!
في دقة، لا تغيب عنها الصرامة، واستعانة بأصحاب خبرة، من دون تغليب لأية مجاملة، واختيارات تعكس رغبة حقيقية في تدشين مهرجان سينمائي له اعتباره، أعلنت إدارة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، بشكل مُبكر، عن اختيار الفيلم البريطاني «سيرانو»Cyrano (124 دقيقة)، إخراج جو رايت، ليفتتح الدورة؛ وهو فيلم رومانسي موسيقي تدور أحداثه حول «سيرانو دي برجراك» Cyrano de Bergerac (قام بالدور بيتر دينكلاج)، الشاعر المُتيم ، والجندي المتواضع، الذي تكمن لعنته في مظهره، ومن ثم يجد نفسه في موقف حرج؛ عندما يتعلق الأمر بالتعبير عن حبه للجميلة «روكسان» (هالي بينيت)، ويظن أنها ستقع، حتماً، في حب الجندي الوسيم «كريستيان» (كيلفن هاريسون الابن). وسبق للسينما الفرنسية أن قدمت الفيلم من قبل، عام 1990، في نسخة من إخراج جان بول رابينو وبطولة جيرار ديبارديو (سيرانو دي برجراك) وآن بروشيه (روكسان) وفينسنت بيريز (في دور كريستيان دي نوفيليت).
أما فيلم الختام فهو المصري «برا المنهج» (127 دقيقة)، للمخرج عمرو سلامة، الذي كتب السيناريو مع خالد دياب، ويُعرض في إطار برنامج «جيل جديد» من بطولة : ماجد الكدواني، عمر شريف، روبي ودينا ماهر (الطفل "نور" (13 عاماً)، الذي يعيش في الريف، في أوائل الثمانينيات، ذكي لكنه يعاني من الكذب القهري، ومشاكل في الإبصار فشلت نظارته الطبية في علاجها، ولكي ينتزع احترام أصدقائه في المدرسة، يدخل منزلاً مسكوناً ليجد نفسه أمام مفاجأة مُثيرة).
روائع عربية وعالمية .. ومنصة قضاء
بالإضافة إلى الزخم الكبير من الأفلام، التي نجح المهرجان في التعاقد مع أصحابها لعرضها (قرابة 138 فيلماً طويلاً وقصيراً من 67 بلداً تتحدث 34 لغة، من بينها 25 فيلماً في عرضها العالمي الأول، و48 فيلماً في عرضها العربي الأول، و17 فيلماً في عرضها الأول في منطقة الخليج؛ علاوة على 27 فيلماً طويلاً وقصيراً، تُلقي الضوء على جيل جديد من المواهب السينمائية السعودية)؛ سواء عبر البرامج المختلفة أو المسابقات الثلاثة (مسابقة الفيلم الطويل، مسابقة الفيلم القصير، ومسابقة السينما التفاعلية، التي يُشارك فيها 16 فيلماً طويلاً، و18 فيلماً قصيراً، تضم أحدث وأهم الإبداعات السينمائية؛ من آسيا وأفريقيا والعالم العربي، وتُعد فرصة لاكتشاف المواهب الجديدة إضافة إلى أعمال المخضرمين، وتتنافس على جوائز اليُسر التي سيتم الإعلان عنها في حفل توزيع الجوائز، سيُصبح أمام رواد المهرجان فرصة ذهبية للقاء صاحب رائعتي «سينما باراديزو» (1988) و«مالينا» (2000)، بعدما نجحت إدارة المهرجان في التعاقد مع مخرجهما الإيطالي الشهير جيوزيبي تورناتوري، ليترأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة.
كما سيعرض له المهرجان، ضمن برنامج «روائع العالم» فيلمه الوثائقي «إنيو»، الذي يرصد فيه مسيرة الملحن والمايسترو الراحل إنيو موريكوني، بينما يترأس المخرج المصري مروان حامد لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، وتترأس لجنة مسابقة السينما التفاعلية : الفنانة الأمريكية الرائدة لوري أندرسون، بمشاركة المخرجة فيكتوريا مابلبيك، الحاصلة على جائزة بافتا، وسارة مهنا العبدلي، التي تُعد واحدة من أوائل المبدعات في فن الرسم على الجدران في المملكة السعودية.
وإلى جانب المسابقات، وعروض السجادة الحمراء، والعروض الخاصة يُتيح المهرجان مجموعة من البرامج المتنوعة؛ مثل : «سينما السعودية الجديدة»، «كنوز البخر الأحمر»، «روائع عربية»، «روائع العالم» و«جيل جديد». وكان قد تم تشييد قاعة عرض، في قلب جدة البلد، تتسع لحوالي 900 مشاهد، خصيصاً لعروض السجادة الحمراء، التي ستضم باقة من أحدث وأهم الإبداعات السينمائية العربية والعالمية، والعروض الافتتاحية للأفلام؛ مثل : «صالون هدى»، آخر أفلام المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، والعرض الخليجي الأول لفيلم «بلوغ»، الذي شارك في إخراجه خمس مخرجات سعوديات هن : سارة مسفر، جواهر العامري، نور الأمير، هند الفهّاد، وفاطمة البنوي، بينما يحتفي المهرجان بالتجربة الأولى للنجمة الأمريكية ماجي جيلينهول، كمخرجة؛ عبر فيلم «الابنة الضائعة»، والتجربة الأولى للممثل ظافر العابدين، كمخرج، في فيلم «غدوة»، والتجربة الأولى للأردني زيد أبو حمدان، كمخرج، في فيلمه الطويل «بنات عبد الرحمن». وتتواجد السينما العربية، بقوة؛ عبر أفلام : «الحارة»، أول عمل روائي طويل للمخرج الأردني باسل غندور، و«دفاتر مايا»، إخراج جوانا حاجي توما وخليل جريج، والفيلم المغربي «علي صوتك». والعرض الافتتاحي لبرنامج «جيل جديد» بفيلم «بيل» للمخرج الياباني المرشح لجائزة الأوسكار مامورو هوسادا، وضمن برنامج «روائع العالم» يعرض المهرجان أفلام : «موناليزا وقمر الدم»، «بلفاست» «أخوات»، والفيلم الكوميدي الإسباني «المدير المثالي» وفيلم «غرفة التلوين».
أما مفاجأة البرنامج فتتمثل في فيلم «أنت تشبهني»، أول تجربة إخراجية للإعلامية والصحافية المصرية الأمريكية دينا عامر. وبالإضافة إلى العروض الافتتاحية، سينظيم المهرجان مجموعة من الفعاليات والأنشطة الثقافية، التي تتضمن حفلات موسيقية، وعروض سينمائية، في الهواء الطلق؛ من بينها الحفل الموسيقي، الذي تُحييه فرقة واي آر ميوزيك السعودية، وحفل آخر موسيقي للاحتفاء بالعصر الذهبي للسينما المصرية مع ريما خشيش وفرقتها، وحفلات الفرق المُصاحبة لفيلمي «علي صوتك» و«رؤوسهم خضراء وأيديهم زرقاء».
جدير بالذكر أن المهرجان يُكرم، في دورته الافتتاحية، النجمة المصرية ليلى علوي، التي قامت ببطولة ما يقرب من 70 فيلماً، وتُعد واحدة من أكثر الممثلات تنوعاً وزخماً في العالم العربي، والمخرجة والمنتجة السعودية هيفاء المنصور، أول مخرجة سعودية، استطاعت كسر كافة الحواجز والترسيخ لمكانة المرأة في صناعة السينما السعودية. وعلى الصعيد الدولي يُكرّم المهرجان جاك لانج، وزير الثقافة والتعليم الفرنسي السابق، ورئيس معهد العالم العربي في فرنسا حالياً، كما يستضيف المهرجان دورة تخصصية مع النجمة يُسرا، التي شاركت في بطولة أكثر من 80 فيلماً وحصدت أكثر من 50 جائزة، ويشهد المهرجان حضور الممثلة العالمية، ونجمة السينما الفرنسية، كاثرين دينوف، المُلقبة بالأيقونة، وتعد واحدة من أشهر الممثلات الفرنسيات خلال ستينيات القرن الماضى، كما سيتم تنظيم أربع ندوات حوارية لتسليط الضوء على مسيرة وإنجازات : هيفاء المنصور، النجمة التونسية هند صبري، عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، ومن الأرجنتين جاسبر نوي، بالإضافة إلى جوانا حاجي توما وخليل جريج من لبنان.
سوق التبادل المعرفي
وبالتزامن مع فعاليات المهرجان، يستضيف سوق البحر الأحمر في الفترة من 8 إلى 11 ديسمبر برنامجاً غنياً يهدف إلى تعزيز التبادل المعرفي، وتحفيز الإنتاج المشترك، إضافة إلى دعم التوزيع الدولي، وخلق فرص جديدة للتعاون والتوزيع والإنتاج. منها سوق المشاريع الذي يضم 23 مشروعاً قيد التطوير، وورشة المشاريع قيد الإنجاز وهي أفلام في المراحل الأخيرة من إنتاجها. كما تتنافس المشاريع المشاركة في سوق البحر الأحمر على جوائز تتجاوز قيمتها 800 ألف دولار. وتضم لجنة تحكيم سوق المشاريع الشاعر ومؤسس مهرجان أفلام السعودية أحمد الملا، والمنتج الأمريكي أليكس ماديغان، والمنتج الألماني ثاناسيس كاراثانوس.
فيما تضم لجنة تحكيم المشاريع قيد الإنجاز كلاً من المدير العام لمهرجان واجادوجو للأعمال السينمائية والتلفزيونية الإفريقية أليكس موسى ساوادوغو، والمخرجة والكاتبة والمنتجة الفلسطينية آن ماري جاسر، والمخرج والكاتب الفرنسي لادج لي. ويستضيف سوق البحر الأحمر سبعة عروض مخصصة للعاملين في مجالات المبيعات والتوزيع هي ”جنون“ من إخراج معن وياسر بن عبد الرحمن، ”سولا“ من إخراج صلاح إسعاد، ”شرف“ من إخراج سمير نصر، ”خذني إلى السينما“ إخراج الباقر جعفر، ”غدوة“ للمخرج ضافر العابدين، ”بنات عبد الرحمن“ لزيد أبو حمدان، و“إستعادة“ لرشيد مشهراوي، كما ينظّم سوق البحر الأحمر سلسلة من الندوات والمحاضرات وورش العمل بمشاركة أهم أقطاب صناعة السينما الإقليمية والعالمية، تطرح وتناقش موضوعات وقضايا سينمائية معاصرة، بما في ذلك زيادة الطلب على المحتوى، وملامح صناعة السينما ما بعد الوباء، والإنتاج المستدام.
ويستضيف السوق من تشيلي الموهبة المتخصصة في مونتاج الأعمال الروائية والوثائقية أندريا شينولي، حيث ستقدم محاضرة تخصصية حول مونتاج الأفلام الوثائقية الإبداعية. ويدير رشيد عبد الحميد من مؤسسة الفيلم الفلسطيني ندوة بمشاركة المخرجين الفلسطينيين هاني أبو أسعد وآن ماري جاسر ورشيد مشهراوي.
ويضمّ سوق البحر الأحمر منطقة للعارضين تشمل أكثر من 20 شركة وهيئة سينمائية محلية وإقليمية، بما فيها وكلاء مبيعات، ولجان سينمائية، وشركات توزيع، وشركات عرض وإنتاج.وقد أكّدت شيفاني بانديا المديرة التنفيذية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي وقد أكّدت شيفاني بانديا المديرة التنفيذية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي على أهمية سوق البحر الأحمر باعتباره ”بوابة إلى سوق السينما السعودية، ومبادرة لدعم العاملين في صناعة السينما في السعودية، ومنصة لخلق شبكة قوية من المعارف والعلاقات والشراكات بين السعودية والعالم.
وبانتهاء فعاليات سوق البحر الأحمر، يستضيف المهرجان أيام المواهب يومي 12 و13 ديسمبر، وهو برنامج مخصص للمخرجين والمنتجين والكتّاب السعوديين والخليجيين، يهدف إلى تطوير المشاريع ودعم وصقل الجيل الجديد من المواهب، وتزويدها بالخبرات المعرفية التي تساعدها على المنافسة والنجاح.
التعليقات