في البداية كان هناك مخاوف من أن القيود التي فرضتها جائحة كوفيد-19 على الأنشطة الاقتصادية ستعرقل جهود نشر شبكة الجيل الخامس عالمياً. إلا أن هذه الجائحة ألقت الضوء على أهمية تكنولوجيا الشبكات الخلوية والاتصالات في الأوقات الحرجة، حيث شهدنا تسارعاً كبيراً في اعتماد شبكة الجيل الخامس على المستويين التنظيمي والصناعي. والحقيقة أن الابتكارات في مجال تقنية الموجات القصيرة يمكن أن يكون لها الفضل في الطلب الكبير على شبكة الجيل الخامس حالياً، ويتوقع أن نشهد تزايد أهمية هذه التقنية في السنوات القادمة.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، يمكننا القول أن تقنيات الموجات القصيرة (مثل النطاقات الإلكترونية) أصبحت أساسية لدعم عملية توصيل شبكة الجيل الخامس اللاسلكية. ويعود سبب نجاح النطاقات الإلكترونية إلى سرعتها ومرونتها وتوافر الطيف، مما يسمح باتصالات ذات سرعات متعددة الجيجابايت في المناطق التي لا تتوفر فيها الألياف. كما أصبحت النطاقات الإلكترونية قادرة على نشر شبكة الجيل الخامس في جميع أنحاء العالم نظراً لكونها متاحة الآن في الغالبية العظمى من البلدان. هذا بالإضافة إلى أهميتها المتزايدة في بناء البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس في البلدان النامية لأنها توفر اتصالات الموجات القصيرة بتكلفة أقل.
ومع زيادة انتشار النطاق الإلكتروني، كان هناك قلق حول التأثير المحتمل للرياح على توفر اتصال النطاق الإلكتروني. في أحدث تقرير عن تقنية الموجات القصيرة، اختبرنا هذه المشكلة بأنفسنا عبر مراقبة تأثير الرياح على ما يقرب من 500 نطاق الإلكتروني على مدار عام كامل. وعلى الرغم من أن 32% من هذه النطاقات تأثرت بالرياح، فقد وجدنا بأن 95.5% تضمنت نسبة خطأ ضئيلة للغاية لا يمكن حتى ملاحظتها. حتى أن أكثر النطاقات تأثراً كان لا يزال متاحاً بنسبة تزيد عن 99.99%. وقد توصلنا إلى أنه من الممكن التحكم في تأثير الرياح والتخفيف منه من خلال الأدوات المناسبة للتخطيط الدقيق والمراقبة.
أصبح تشريح الشبكة أداة تمكين لخدمات شبكة الجيل الخامس الجديدة، لأنه يساعد في بناء شبكات مخصصة تخدم حالات استخدام خاصة. وفي المستقبل القريب، نقدر أن ما يصل إلى 30% من حالات استخدام شبكة الجيل الخامس ستتطلب تشريح الشبكات. وقد عززت التطورات الحديثة في تقنية الموجات القصيرة والعقد المتحركة عبر المسافات القصيرة من قدرة هذه التقنيات على دعم تشريح الشبكة باستخدام تقنيات الحزمة القياسية وخطط جودة الخدمة لضمان النشر الناجح لشبكات الجيل الخامس. وبينما يتوقع أن يلعب تشريح الشبكة دورًا مهمًا في توفير حالات استخدام مبتكرة لشبكة الجيل الخامس، من الضروري أن يركز مشغلو الاتصالات حول العالم على الاستثمار في تقنية الموجات القصيرة.
كما أصبحت تقنية الموجات القصيرة أداة مهمة لتمكين خدمات الوصول اللاسلكي الثابت (FWA). فهذا النوع من الخدمات مثل الألعاب عبر الإنترنت وبث الفيديو بدقة 4K يتطلب زمن وصول أقل وسعة أكبر، وهنا نقل البيانات بتقنية الموجات القصيرة حلًا فعالًا وقابلاً للتطوير في المواقع الجديدة أو الحالية، مع سرعات تصل حتى 10 جيجابايت في الثانية عند استخدام حلول النطاق الإلكتروني أو النطاق المتعدد. واليوم، يوفر أكثر من 70% من جميع مزودي الخدمة خدمات الوصول اللاسلكي الثابت (FWA). ونتوقع أن تمثل اتصالات الوصول اللاسلكي الثابت 25% من حركة البيانات العالمية بحلول عام 2026، ونعتقد بأن تقنية الموجات القصيرة ستساهم بقوة في هذا النمو.
ومع التضخم السنوي في أحجام البيانات وحركتها، يزداد الطلب على سعة التوصيل بتقنية الموجات القصيرة. ومع ذلك، لا يتمتع جميع مقدمي الخدمات بإمكانية وصول جيدة إلى أطياف التوصيل عبر هذه التقنية وقد يجدون صعوبة في التعامل مع متطلبات نقل البيانات المرتفعة. فبعض البلدان ذات نطاق الترددات المحدودة ترى بأن الطلب المتزايد على نقل البيانات يشكل ضغطاً على شبكاتهم. وبالنسبة للبلدان ومقدمي الخدمات الذين لديهم وصول محدود إلى الطيف، من المهم استخدام موارد الطيف المتاحة بأفضل طريقة ممكنة. وقد أظهرت عمليات المحاكاة التي أجرتها إريكسون بأن إعادة استخدام القنوات الأكثر قوة هو الحل الأنسب للتعامل مع متطلبات نقل البيانات المرتفعة في النطاقات التقليدية المحدودة. إن إعادة استخدام طيف التوصيل هو أيضاً حل مستدام وفعال نظراً لكونه ذو أبعاد مناسبة.
وفي المستقبل القريب، ستكون تقنية الموجات القصيرة ضرورية لدعم احتياجات السعة في شبكة الجيل الخامس في المناطق الحضرية وضواحيها. ويتوقع تقرير إريكسون للتنقل الصادر في يونيو 2021 أن تصل اشتراكات شبكة الجيل الخامس إلى 580 مليون بحلول نهاية عام 2021. وفي ظل الطلب المتزايد على خدمات شبكة الجيل الخامس، حان الوقت الآن لمشغلي الاتصالات للاستفادة في تقنية الموجات القصيرة المبتكرة والاستثمار فيها إلى جانب حلول الترددات التقليدية متعددة النطاق، لنتمكن من نشر شبكة الجيل الخامس في كافة أرجاء العالم.
بقلم زوران لازاريفيتش، رئيس قسم التكنولوجيا في إريكسون الشرق الأوسط وأفريقيا
التعليقات