هذه هى المرة الأولى فى تاريخنا السينمائى التى ننال فيها أربع جوائز رئيسية من مهرجان (قرطاج)، عن فيلم واحد، وعلى رأسها (التانيت الذهبى) أفضل عمل فنى، الذى كان من نصيبنا فقط مرتين طوال تاريخ هذا المهرجان العريق الذى انطلق عام 66، أخذنا الجائزة عام 1970 بفيلم (الاختيار) يوسف شاهين، ثم فى 2010 (الميكروفون) أحمد عبدالله.
بتصويت ديمقراطى داخل لجنة التحكيم للمسابقة الرئيسية للفيلم الروائى الطويل والقصير، احتل (ريش) تلك المكانة المميزة، لم يكن صوتى داخل لجنة التحكيم لصالح الفيلم لأننى منحاز لوطنى، قطعًا أنا مُتيم بالوطن، إلا أن قناعتى فى اللجنة تفرض علىَّ الانحياز المطلق للإبداع الذى أراه يحتل مكانة الأجمل، والذى يحمل فى نفس الوقت روح المشاغبة والمغامرة، وهكذا جاء صوتى لصالح (ريش) لأنه الأجمل، حظى الفيلم بثلاث جوائز رئيسية فى المسابقة الرئيسية التى شرفت بعضويتها، وهى (التانيت الذهبى) لأفضل فيلم، وأفضل سيناريو عمر الزهيرى وأحمد عامر، وأفضل ممثلة دميانة نصار (أم ماريو ).
شاركت فى اللجنة مع ستة من خبراء السينما مارسوا المهنة فى العديد من المهن المختلفة، الكاتب والمخرج والمنتج والمصور والباحث والممثل والمونتير، يمثلون العديد من دول العالم، تونس وإيطاليا وأنجولا وإيران والمغرب، نختار فى البداية كما اقترح المنتج الإيطالى رئيس اللجنة إينزو بورسيلى، ثلاثة فى كل فرع، ونبدأ النقاش قبل أن نستقر على العمل الفائز .
كيف تختار الفيلم الأفضل؟ بمقياس واحد وهو الجمال، مثلًا من هى الممثلة التى حظيت بجائزة الأفضل؟ إنها (أم ماريو) السيدة بنت الصعيد التى تقف لأول مرة أمام الكاميرا، وهنا يبرز دور المخرج عمر الزهيرى فى الحفاظ على تلقائيتها وبكارتها، ونجح تمامًا عمر فى تحقيق ذلك .
السيناريو يبدو وكأنه قطعة من الحياة، هكذا رأيته وهو يقتطع جزءًا من الدنيا يحيله إلى شريط سينمائى يقول الكثير، المخرج عمر الزهيرى فى مطلع الثلاثينيات من عمره، قدم من قبل فيلمين قصيرين، ومن البداية يطل على الجانب الآخر من الدنيا وهى المهرجانات العالمية خارج الحدود .
ولا يعنى ذلك سوى أنه يملك طموحًا مشروعًا أدى لحصوله منذ شهر يوليو الماضى على عدد ضخم من الجوائز، بدأها من (كان)، ثم أفضل فيلم عربى من (الجونة)، وأكبر جائزة نالها هى قطعًا من (قرطاج)، بالإضافة إلى الجوائز الثلاث الرئيسية من لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، هناك أيضًا جائزة العمل الفنى التى منحتها له لجنة تحكيم أخرى .
تم توجيه ضربات متلاحقة، لا أنكر حق الجميع فى الاختلاف، البعض يراه فيلمًا مملًا أو حتى سخيفًا أو أنه يقدم الفقر برؤية مقززة، تظل قراءات أختلف معها، ولكنى لا أجرمها أو أحرمها، فقط ما هو مستهجن ومرفوض إلقاء ماء النار فى وجه من نختلف معهم ونعتهم بأبشع اتهام، تلويث سمعة الوطن .
الفيلم يؤكد على أوجه إيجابية متعددة فى مصر، وهى حرية التعبير، وأن الدولة القوية لا تخشى أن تقدم الدراما سلبيات عن حياتنا، كما أن الفيلم كما رآه على سبيل المثال أعضاء لجنة التحكيم يقدم المرأة المصرية الإيجابية (أم ماريو)، دراميًا بدأت مقهورة أمام زوجها ثم بعد ذلك عندما تحملت المسؤولية حافظت على بيتها وأطفالها، مبروك تانيت قرطاج الذهبى، الذى أضاف جمالًا لسمعة مصر الجميلة !!.
التعليقات