ساعد النيل المصريين في تكوين مجتمعات صغيرة، يتعاون أفرادها في زراعة ما بها من أراض، وأحيانا كانوا يلجأون إلى توسيع حدودها بالاستيلاء على أراض المجتمعات المجاورة، إلى أن اندمجت هذه المجتمعات وشكلت كيانا أكبر اتحد في عهد الملك "نعرمر (مينا) " فظهر أول شكل مترابط سياسيا واجتماعيا للأراضي المصرية بفضل النيل.
عرف المصريون أيضا، إلى جانب الزراعة التي اعتمدت على مياه النيل، صيد الأسماك، فابتكروا القوارب كوسيلة للصيد والمواصلات، وسجلوا العديد من المشاهد المائية على جدران المقابر.
نظر المصريون إلى النيل بعين القداسة، واستخدموا مياه النهر للتطهر ولأداء الطقوس الدينية وغسل المتوفى.
كان الاغتسال بماء النيل ضرورة حياتية مصرية كنوع من النظافة والتطهر البدني والروحي، وهي عملية تحمل معنيين، فعلي ورمزي، في وجدان المصري،
أما الفعلي فهو يشمل نظافة الجسد والملبس والمأكل والمسكن فضلا عن التطهر كضرورة لتأدية الطقوس الدينية، أما الرمزي فيشمل طهارة النفس روحيا من كل شائبة.
وبرز تقديس النيل من خلال حرص المصري على طهارة ماء النهر من كل دنس، كواجب مقدس، ومن يلوث هذا الماء يتعرض لعقوبة انتهاكه غضب الآلهة في يوم الحساب.
و يشير نص قديم إلى أن "من يلوث ماء النيل سوف يصيبه غضب الآلهة"، وأكد المصري في اعترافاته الإنكارية في العالم الآخر ما يفيد عدم منعه جريان الماء درءا للخير،
كان دخول العرب مصر عام 640 ميلاديا، وكان المصريون يعتنقون الديانة المسيحية، التي تجرم القتل ولا تسمح بممارسة طقس مثل إلقاء فتاة وقتلها غرقا عرفانا للنيل وفيضانه.
وفى تلك الفترة جاءوا مصريين إلى عمرو بن العاص، وطلبوا منه السماح بإلقاء فتاة بكر في مياه نهر النيل كعادتهم كل عام وتقديمها قربانا للنهر ليفيض بالخير، وإن لم يفعلوا سيحل الجفاف، فرفض عمرو بن العاص، وقال لهم "هذا لا يكون في الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله".
وأرسل عمرو رسالة إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستشيره في الأمر، فأرسل عمر رسالة جاء فيها:"من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد، فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك"، فألقى عمرو بن العاص الرسالة في النيل
وكان أهل مصر قد تهيأوا إلى "الجلاء والخروج منها، لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل، وأصبحوا وقد أجراه الله تعالى 16 ذراعا في ليلة واحدة، وقطع تلك السنة السوء عن أهل مصر".
على الرغم من عدم ذكر النصوص المصرية القديمة من قريب أو بعيد لها، فالثابت في المعتقد الديني المصري عدم تقديم قرابين بشرية إلي معبود مهما علا شأنه،
كما توجد لوحات وبرديات تصف أحوال النيل وفيضانه وأزماته، لم يرد فيها أي ذكر لـ "عروس النيل" العذراء التي تقدم كقربان للنيل.
زار كثير من الرحالة اليونان والرومان مصر بين القرنين السادس قبل الميلاد والقرن الأول، مثل هيكاتية في القرن السادس قبل الميلاد، وهيرودوت 448 قبل الميلاد، وديويدور الصقلي 59 قبل الميلاد، وسترابون حوالي 25 قبل الميلاد، وجميعهم كتبوا عن عادات مصر ولم يشر أي منهم إلى "عروس النيل".
التعليقات