جاء مؤتمر دول الجوار الليبي، الذي شهدته الجزائر أول أمس، ليحمل الكثير من الأمل والتفاؤل بشأن مستقبل ليبيا الشقيقة، خاصة في ظل سير خارطة الطريق نحو إجراء الانتخابات بخُطى ثابتة، وهو الإجراء الذي نتمنى الانتهاء منه في موعده المقرر ديمسبر المقبل لبدء بناء نظام سياسي ليبي معبراً عن إرادة جماهيره.
وليس هناك توصيف للمؤتمر وتوصياته وفعالياته، أكثر من تصريحات وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، والتي قالت عنه بأنه "ناجح جداً ومحورياً"، لأسباب كثيرة لعل أهمها المناقشة المفتوحة لوزراء خارجية دول الجوار تجاه الأوضاع والأزمات وكيفية مواجهتها.
وحضر الاجتماع وزراء خارجية مصر والسودان والكونغو وتشاد والنيجر، والمبعوث الأممي إلى ليبيا،والأمين العام للجامعة العربية، وممثل الاتحاد الإفريقي، وسط ترقب شديد لمستقبل ليبيا الذي ينتظره كل عربي مخلص لهذا الوطن، ويتربص به أصحاب الأجندات، خاصة الدول التي تسعى لاستمرار الفوضى الحالية بالبلاد، لضمان الحفاظ على مصالحها، ونهب ثروات ليبيا لصالحها، واستغلال أعضاء التيارات الدينية المتطرفة لتهديد بعض دول الجوار الليبي من داخل الأرض الليبية.
وبالتأكيد يبعث الاتفاق على عقد مؤتمر آخر أواخر الشهر الجاري لدول الجوار في ليبيا نفسها المزيد من الأمل، في ظل اتفاق غالبية الأطياف السياسية على نجاح حكومة عبد الحميد الدبيبة حتى الآن في توفير مناخ انتخابي يستطيع إجراء الاستحقاق الانتخابي، بغض النظر عن حالة عدم التوافق الكامل تجاه بعض قوانين الانتخابات.
وفي مسألة قوانين الانتخابات، لابد أن يفهم الجميع بأن القوانين والدساتير عمل بشري ومن الطبيعي تضمنه لبعض نقاط عدم التوافق، خاصة إذا جاءت هذه العملية بعد سنوات من الفوضى، أو حدث سياسي مفاجئ مثل الثورات، ومن ثم فليس هناك أي غضاضة من اتخاذ خطوة إيجابية، حتى لو تطلب الأمر إعادة النظر في الدستور نفسه، أو قوانين الانتخابات فيما بعد، وهو ما فعلته مصر بعد يناير 2011، ويونيو 2013 مع الفارق في بعض النقاط.
ومما لاشك فيه، أن الأوضاع في ليبيا لا ترضى أحداً من المحبين لها ولشعبها، حتى وإن كانت مرضية للطامعين، وهو الأمر الذي جعل البعض يؤيد ويدعم ترشح سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس الراحل معمر القذفي والذي ثار عليه الشعب، وأنهى حكمه بطريقة بشعة، بل القبض على سيف الإسلام نفسه وسجنه، وهكذا أصبحت رؤية البعض بأن عودة أو استنساخ نظام القذافي نفسه ممثلاً في نجله أفضل بكثير مما آلت إليه الأوضاع.
كما تشهد الفترة القادمة إعلان الكثير ترشحهم، ومن المتوقع أن تشهد الساحة الليبية صراعاً انتخابياً شرساً، خاصة في ظل بعض التدخلات الدولية التي سيكون لها رأيها ودعمها أو العكس تجاه المرشحين، كل حسب حبه وطمعه تجاه ليبيا، ليبقي الأهم في ذلك وهو حتمية تنفيذ رؤية دول الجوار الليبي، واللجنة العسكرية "5+5" بتطهير الأراضي الليبية من المرتزقة لبدء بناء نظام يمثل الليبيين وحدهم دون غيرهم، ووضع المصلحة العليا لليبيا فوق كل اعتبار.
ولم يكن غريباً تصدر نجل القذافي للمشهد في ليبيا بعد كل هذه السنوات، فربما لم يعتمد على امكانياته السياسية، أو رؤيته الاقتصادية للبلاد، بقدر ما يعتمد على ندم الكثيرين على الثورة ضد والده، وبلاده التي أصبحت مرتعاً للطامعين لنهب الثروات، والفوضى التي شهدتها البلاد، ومن هنا عاد القذافي الابن للمشهد، ومن ثم الرهان على الاستقرار فقط بغض النظر عن هامش الحريات، ليبقى الوضع مرهوناً بما يستجد من أحداث.
التعليقات