(الجبل الأبيض) يعتبر من أعلى جبال المنطقة الشرقية بسلطنة عمان التي تقع بولاية دماء والطائيين، حضارة تعود الى آلاف السنين حيث توجد كثير من الاثار التى تعود الى حقبة حضارة( ام النار)، والتى تعاصر الحضارة الفرعونية، وتجاورها شمالا قريات وجنوبا إبراء ومن الغرب المضيبي.
و(الجبل الأبيض) يبلغ ارتفاعه حوالى 2000 متر فوق مستوى البحر، وتتعانق فيه السحب بالصخور، والجبل كأهرام من الحجارة العملاقة، فى صفحه ترقد بعض من القرى البدوية الصغيرة مثل(حيل الكفوف ) و(حيل الحريم )الواقعة في السفح العالي من الجبل.
وفي طريقنا إلى (الجبل الأبيض) يسلك الزائر من مسقط طريق المنطقة الشرقية، وعند وصول الزائر منطقة إبراء يتجه شمالا إلى بلده السماعية، مرورا ببلدان النبا وبطين مررنا بعدد من القرى التابعة للجبل الأبيض، المنتشرة على جانبي الطريق وعند وصولنا لبوابة القرية الرئيسية.
حيث كان يتم في الماضي قطع هذه المسافة، سيرا على الأقدام أو من خلال ركوب الحمير، مما يعني قضاء أكثر من نصف اليوم في عبور الطرق الوعرة، الكثيرة الانحناءات والمرتفعات.
فعند الساعة التاسعة صباحا من خلال جولة صحفية للبحث عن المناظر الساحرة الخلابة استقللنا سيارة الدفع الرباعي، لأن هذا النوع الوحيد من السيارات، الذي يمكنه الوصول إلى الجبل الأبيض وذلك بسبب وعورة الطريق وكثرة المنحدرات فيه.
وشاهدنا فى طريقنا قرية (حيل الكفوف)، هي واحدة من قرى الجبل الأبيض، وهي قرية تحف بها الجبال من جميع الاتجاهات.
فهي مزار سياحي، تسعد الزائر والسائح، حينما يتنقل بين طرقاتها الجبلية بسحر الطبيعة الخلابة، التي أوجدها الله بين السلاسل الجبلية لتكون مكانا رائعا، والاستمتاع بالراحة النفسية، بعيدا عن جو المدن والضوضاء، حيث يعلو المكان الهدوء التام والهواء النقي.
وتشتهر قرى (الجبل الأبيض) بنبات الزعتر، الذي ليس له مثيل فى أى مكان آخر، وتنتشر أشجار النخيل والرومان والليمون على المسطحات الزراعية وما زال سكان القرية يهتمون بتربية الحيوانات ورعى المواشي، وعدد من الأشجار المثمرة، التي تنبت تلقائيا عند سقوط الأمطار، فقسوة الجبال ووعورة الجبال لم يمنع أصحابها من جمع الحطب وبيعه.
إن تاريخ هذه الأرض العظيمة، موغل فى القدم يجمع فى طياته العديد والكثير من الأسرا،ر إن زائر هذه البلاد الرائعة الجميلة يتجول بحرية حيث يجد كرم الضيافة العمانية، الأصيلة من الشعب العماني المضياف، و(الجبل الأببض ) يتميز بطقسه المعتدل صيفا والقارس شتاءا.
وتتميز الوحدات السكنية أعلى (الجبل الأبيض)، بتقسيمها وتوزيعها الهندسي، وأغلب بيوت الحجرات لها مداخل وأبواب منقوشة، ومزخرفة زخرفة إسلامية، ذات منظومة دقيقة تتميز بالفن والإبداع.
كما يتم نقل المياه الصالحة للشرب، بشكل يومي رغم صعوبة الوصول، وتنعم سلطنة عمان بموروث حضاري وثقافي، تراكم عبر العصور مخلفا ثروة لا تقدر بثمن، من فرط قيمتها وأهميتها بالنسبة للعمانيين ولغيرهم على حد سواء .
والإنسان العماني قادر على الإبداع والعطاء، فى هذا المجال وأستطاع أن يجعل من الصحاري، مدنا وعواصم وحارات ومساكن وقلاعا، وحصونا وأبراج فى الأودية وفى السهول، وفى قمم الجبال بكل عزيمة وإصرار.
ويعانى طلاب القرى يوميا ،خلال ذهابهم لمدارسهم وهم يستقلون سيارات الدفع الرباعي، فهم يضطرون للاستيقاظ مبكرا من بعد صلاة الفجر، لأن السيارات تأخذا وقتا طويلا،على الطريق الترابي المؤدى من بلدتهم إلى مدارسهم سواء فى مدارس ولاية دماء والطائيين، أو ولاية صور كلا حسب المكان الأقرب لهم إضافة إلى الإرهاق الشديد بسبب متاعب الطريق خلال رحلة السير ذهابا وإيابا.
وأثناء الجولة الصحفية شاهدنا تقديم خدمات طبية في منطقتي حيل الكفوف وحيل الحريم من خلال (الإسعافات الأولية )، لأهالي الجبل الأبيض وهو قائم على صحة وسلامة سكان الجبل، خوفا على ضياع صحتهم وعافيتهم، تحت منظومة مركز الخدمات الصحية، وصناديق الإسعافات الأولية تحتوي على القطن والشاش، ومراهم الحروق ومراهم الجروح والمواد الطبية المعقمة ، ومدون على كافة الأدوية كيفية استعمالها وطرق الوقاية .
ومن جانب آخر شاهدنا مسجد (حيل الحريم) وله نشاط بارز فى نشر الوعي الديني من خلال وضع برنامج لتحفيظ الأولاد القرآن الكريم ومبادئ الدين الإسلامي.
ومن المميزات الجميلة التي استمعت بها في زيارتي (للجبل الأبيض)، وعلى الأخص (حيل الكفوف) و(حيل الحريم) حيث الهدوء والسكينة، ووجود بيوت الله، والذي يخيم علي المكان أصوات العصافير، والطيور والمقومات الطبيعية الخلابة.
كما استمتعت بمشاهدة الآثار التاريخية، من بيوت قديمة، لاتزال شاهدة على وجود الإنسان العماني، في هذا المكان من مئات السنيين.
التعليقات