«الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة.. أو لا شيء علىٰ الإطلاق»
هكذا تبدأ الرواية في إشارة إلىٰ بداية جديدة مختلفة عما سبق في الجزء الأول من ثلاثية ( نداء المُلك) .. فالبداية الأولىٰ كانت دائرة حول المعاناة؛ أما الجزء الثاني فيخبرنا عن عما قد تنتج عنه تلك المعاناة.
فها هي (سلَّام) الأميرة الحزينة؛ التي اختطف السم والمرض أباها، وجعلها تائهة تبحث في الأراضي البعيدة عن علاج ناجع ينقذ والدها ومولاها صاحب البلاد من حكم أخيها أعمىٰ البصيرة الذي أغواه الطمع فأرقد أباها عليلًا حتىٰ يتسنىٰ له حكم لا قوة ولا طاقة له به بعد.
فنراها في الرواية تعاني صراعًا نفسيًا ما بين كبرياء يأبىٰ ضعفها وما بين خوف يدفعها إلىٰ إظهار عكس ما تبطن من حدة وصرامة.
(سلَّام) فتاة أبيها الوحيدة؛ تتألم وحدها في غربة لا نهاية له
تتصبَّر خلالها حتىٰ يولد أمامها بصيص من أمل في فكرة علاج لا تعلم مدىٰ نجاحها.. إلا أنها لا تملك غيرها سبيلًا لاسترجاع ما مضىٰ وتخشىٰ أن لا يُستعاد.
من مميزات الجزء الثاني أنه لا يتبلور حول شخصية بذاتها.. فتارة نرىٰ (سلَّام) تستكمل رحلتها الممتدة عبر الجزئين..
وتارة نرىٰ بلاد ( الهاشمي) يحكمها الفتىٰ (مالك) الذي سرعان ما يصير ملكًا يسيطر علىٰ عقله ساحر لا يعلم أحد هدفه ولا إلام يتطلع.. ولكن لا يخفىٰ علىٰ القارىء أن يلحظ أن ما يرغبه _ أيًا كان _ لن يفضي إلىٰ خير مملكة الهاشمي أبدًا.
ولكن الأمور لن تُحل بتلك السرعة؛ فالفتىٰ (مالك) الذي رأينا نشأته ورأينا سلطانه أيضًا لن يرحل سريعًا.
والفتاة (سلَّام) التي تبحث عن نجاة مملكتها لن تعود دون إكسير النجاة.
وما بين الاثنين نرىٰ كيف يمكن للقدر أن يغير أحوال البلاد والعباد في لحظة..فينقلب عاليها سافلها في برهة من الزمن ولا يبقىٰ غير وجه الله العادل إلىٰ يوم الدين.
العمل تفوَّق في جزءه الثاني عن الأول؛ فالأول رأينا فيه بداية الملحمة والثاني تبين لنا دقة الحبكة والأسلوب والحفاظ علىٰ توازن الشخصيات فلا يشعر القاريء بالتشتت رغم كثرة الأحداث.. وفي الجزئين لا يمكنني إلا أن أثني علىٰ اللغة العربية الفصيحة والألفاظ المنتقاة بعناية شديدة مما يجعله عملًا أدبيًا مميزًا ومختلفًا يستحق الإشادة والإشارة لكاتبه.
تقييمي الشخصي للعمل :5/5
التعليقات