ذات يوم قابلت اللواء جمال حماد أحد الضباط الأحرار ومؤرخ ثورة 23 يوليو، وكان أهم سؤال سألته، ما الذي دفعك وانت ضابط شاب فى القوات المسلحة وصاحب وظيفة مرموقة فى المجتمع ودخل شهرى محترم لكى تشارك فى عمل خطير ليلة 23 يوليو 1952 نسبة نجاحه لا تتعدى واحد فى المائة، سيؤدى بك فى النهاية إلى حبل المشنقة؟؟؟
أجاب اللواء حماد: كان هناك سببا مباشرا وهو حرب فلسطين وماحدث فيها من مهازل جعلت كل الضباط والجنود الذين شاركوا فيها على قناعة تامة بأن ماحدث فى فلسطين قد بدأ أساسا من القاهرة، وأن السكوت على الوضع فى القاهرة قد بات دربا من المستحيل ولا مفر من التغيير مهما كان الثمن.
أما السبب الثانى فهو تاريخى ومتجذر عبر الأجيال فأى عدل هذا الذى يجعل نصف فى المائة من السكان يملكون تسعة وتسعين فى المائة من الأرض، بينما أكثر من تسعة وتسعين فى المائة لايملكون إلا نصف فى المائة فقط ويعملون كخدم عند علية القوم...فهو الظلم الإجتماعى فى أكبر صوره.
ولذلك عندما عرض على عبد الحكيم عامر زميل دفعتى فى الكلية الحربية الانضمام لتنظيم الضباط الأحرار الذى أسسه جمال عبد الناصر... لم أتردد لحظة... رغم خطورة العمل وهوله... ولا أخفى عليك أن يد الله تعالى كانت معنا ف ليلة 23يوليو .. حيث تسرب خير الثورة بالفعل إلى الملك فى مقر إقامته بالاسكندرية حيث أن شقيق أحد الضباط المشاركين فى الحركة عرف بنوايا شقيقه وكان ذلك الشقيق ضابطا محالا إلى المعاش ..فأراد أن يكسب ثقة السرايا على أمل أن يعيدوه للخدمة..فاتصل بالقصر الملكى وابلغهم بما ينوى الضباط الاحرار الإقدام عليه.
وأصدر الملك أمره للواء حسين فريد رئيس الأركان بعقد اجتماع عاجل فى مقر قيادة الجيش بمصر الجديدة مساء 22 يوليو تمهيدا للقبض على الضابط الأحرار... وانعقد الاجتماع بالفعل... ولكن إرادة الله كانت فوق الجميع... حيث نجح البكباشى يوسف منصور صديق مع مجموعة من القوات فى التحرك مبكرا ساعة كاملة عن موعد ساعة الصفر.
ووصل مع قواته لمقر قيادة الجيش وقبض على كل الحاضرين... وبمجرد وصولنا لمقر القيادة أنا عبدالناصر وعامر والسادات وغيرنا ... وجدنا يوسف صديق قابضا على اللواء حسين فريد قائد الجيش ونجحت الحركة بفضل الله... وقد شاءت إرادة الله أن أقوم بكتابة البيان الأول للثورة الذى قرأه أنور السادات فى الإذاعة صباح يوم 23 يوليو.. وكان سببا فى انضمام الشعب إلينا..وإعلان نجاح الثورة.
التعليقات