فى مطلع عام 1960 أدرك الرئيس جمال عبد الناصر أهمية وجود كيان إعلامى وطنى عملاق ليكون سندا وعونا للدولة المصرية والعروبة بأكملها فى المحن والملمات.. وحائط صد منيع فى مواجهة توحش أجهزة الإعلام الغربية التى تضمر لنا الشر على الدوام.
فكان التكليف التاريخى للدكتور عبد القادر حاتم بإنشاء مبنى ماسبيرو ليضم أول تليفزيون فى الشرق الأوسط الى جانب الإذاعة المصرية العريقة التى ولدت فى 31 مايو 1934.
وعلى الرغم من أن كل شئ فى الحياة يولد صغيرا ثم يكبر، إلا أن هذا الكيان قد ولد عملاقا منذ اللحظة الأولى.. ولأن الانطباع الأول يبقى على الدوام.. فقد ارتبطت الجماهير العربية من المحيط للخليج بهذا المكان الكائن على شاطئ النايل بوسط القاهرة ارتباطا جعل كل مواطن عربى يشعر بأنه بيته الذى لم يشتره.
ولم لا وهو يجد فيه كل راحة ومتعة وثقافة وتسلية تخفف عن كاهله متاعب الحياة.. فلولا هذا المكان ماعرف الناس الشيخ الشعراوي ولا الدكتور مصطفى محمود.. ولا الدكتور حامد جوهر وغيرهم.. ولولاه ما استمتع العرب بليالى الحلمية ورأفت الهجان وأبو العلا البشرى والأيام والرجل والحصان كعصفور النار والراية البيضا وزيزينيا التى كانت تجمع العرب جميعا فى وقت واحد أمام الشاشة الصغيرة.
ولولاه لحرم عشاق كرة القدم من متابعتها من بيوتهم.. ولما عرف المشاهد طريق التنوير فى عالم البحار وعالم الحيوان والمجلة العلمية وجولة الكاميرا...فى زمن كان فيه الإعلان( بالنون) فى خدمة الإعلام (بالميم)، وفى أعقاب ثورة 25يناير..تبدل الحال...وأصبحت الميم فى خدمة النون...فانتهى عصر التنوير.
وبدأ عصر إعلام المال والاستثمار الخالى من أية رسالة إنسانية راقية...وكنا طوال السنوات الاخيرة نتحرش بالأمل فى عودة ماسبيرو إلى عافيته ونصارته..حتى جاء اليوم المشئوم الذى عقد فيه المؤتمر الصحفى للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية..بالتزامن مع عيد الإعلاميين..فتحول الشك إلى يقين...وتأكدنا أنها الكيان البديل لمبنى ماسبيرو...وأقام أهل ماسبيرو سرادق العزاء فى يوم عيدهم...ولسان حالهم يقول...هل هى الحقيقة..أم أنه كابوس مزعج لا مهرب منه لا فكاك.
التعليقات