جاء خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، بعد الإعلان عن فوزه بولاية رئاسية رابعة منذ أيام ليحمل الكثير من الوعود والطموح والأمل الذي لا يتمناه كل سوري فقط، ولكن كل عربي غيور على وطنه والعروبة التي ينتمى إليها في ظل ما يحدث على الخريطة العالمية من تغيرات بين الحين والآخر.
وتحدث الرئيس السوري عن خطته ورؤيته لمدة سبع سنوات كاملة هي فترة ولايته الرئاسية، لبلد يحكمه منذ عام 2000، والقضية لا تتعلق بما جاء في الخطاب السياسي، بقدر ما تتعلق بإمكانية تنفيذ الوعود على أرض الواقع، وشعور المواطن السوري بعودة وطنه الذي يحلم به، وأبناء سوريا بالخارج الذين ينظرون إلى وطنهم الآن نظرة غربة وحنين إلى الوطن الأم.
ونظرة غالبية المواطنين العرب للموقف في سوريا اختلفت كثيراً عن أجواء ما بعد 2011، وقيام الثورات أو تنفيذ المؤامرات بحسب كل وجهة نظر تجاه الأمر، حيث إن المطالبة برحيل بشار الأسد وحتمية ترك السلطة قبل وبعد إسقاط الأنظمة في تونس ومصر وليبيا وغيرها كانت طلباً ملحاً للكثيرين، إلا أن تغيرت كثيراً بعد حصار الثورات الذي لم يلبي طموح الغالبية.
ونحن الآن في عام 2021، وبعد رؤية وإدارك المشهد في المنطقة، وفهم المخططات التي سعت لإرباك المنطقة كلها، لم يعد لدى غالبية العرب إلا اليقين بأن الاستقرار في سوريا ضرورة حتمية للمنطقة، في ظل الاختفاء الواضح لكل الأصوات التي طالبت بشار بالرحيل، لنجد مرور العملية الانتخابية التي لن نغوص في تفاصيلها داعمة للتوجه العربي في استقرار سوريا.
وتعاني سوريا منذ سنوات من أشياء كثيرة، أهمها الوجود الأجنبي على أرضها بوجوه كثيرة، والإرهاب، والصراع العالمي عليها بسبب النفط والغاز، أو استغلال الأراضي السورية كرمانة ميزان لقوة الدول وبعضها البعض، فأصبحت مرتعاً لتزايد نفوذ، أو انحصار نفوذ هنا وهناك، دون أن تنعم سوريا بالاستقرار.
والرئيس السوري أمامه الكثير من الفرص خلال الفترة القادمة للم شمل العائلة السورية التي هاجرت البلاد منذ سنوات بحثاً عن الأمن والاستقرار، سواء في الوطن العربي، أو خارجه عبر أوروبا وإفريقيا، في ظل تغير الموقف الدولي، وحالة التعاطف العربي التي أصبحت في صالحه بعد ما سمي بالربيع العربي وتبعياته وآثاره في كل الدول.
وتستطيع سوريا أن تتصدر المشهد، وأن تبني قوتها العسكرية من جديد، وهي صاحبة الجيش الذي كان في مقدمة الجيوش العربية، كما أنها تستطيع إذا توافرت الإردة بأن تتخلص من لصوص الغاز والنفط، ومن أصحاب البيزنس الدولي على أرضها لبسط النفوذ، والمواجهات المتبادلة بين الطامعين وبعضهم، كي ينعم الشعب السوري بحقه في ثرواته، وأمنه واستقراره، وأن تنتهي حالة الغربة والحنين للوطن الأم، وهو شعور كل سوري يعيش خارج وطنه، وتركها دون إرادته.
إن السنوات القادمة فارقة في تاريخ سوريا، وشعبها، ورئيسها، ونتمنى أن نرى الحرص الشديد من قبل الرئيس السوري على محو آثار الماضي، والبدء في استغلال الحاضر لبناء المستقبل السوري الذي تأخر كثيراً، وأنا كمواطنة مصرية عربية، أتمنى أن أرى اليوم الذي تتبوأ فيه سوريا، والعاصمة دمشق مكانتها التي كانت عليها، ونشأنا على صورتها الجميلة.
ومسئولية بناء الأوطان ليس مهمة الرئيس أو النظام الحاكم وحده، لكنها مسئولية مشتركة تقوم على الإيمان ببناء الأوطان بعد المحن والصعوبات والتحديات، فمن رحم المعاناة ولد الأمل، ومن الواقع الصعب يولد المستقبل المشرق بالعمل والإنتاج ورفع شعار الوطن أولاً ووحدة الصف حتى تطهير البلاد من الدخلاء، ولصوص الثورات، وسماسرة الفوضى ومخططات هدم الأوطان.
التعليقات