الداروينية هي نظرية التطور البيولوچي التي طّورها عالم الطبيعة الإنجليزي تشارلز داروين الذي عاش بين عامي ١٨٠٩ و ١٨٨٢ والتي ذكر فيها أن جميع أنواع الكائنات الحية تنشأ وتتطور في شكل مجموعات صغيرة.
ومن هذه المجموعات الصغيرة ينجو الأفراد الذين يتمتعون بصفات وراثية أكثر ملاءمة للبيئة المحيطة بيهم.
أرتبطت نظرية داروين بالقردة ولاكني لن أناقش النظرية المذكورة لأنها جدلية وخلافية ولها مؤيدين ومعارضين ولكل فريق وجهات نظره ودلائله وحججه العلمية المُسندة .
في هذا المقال سأتكلم وأحكي لكم تجربة تُشارك داروين في أنها ايضاً تضم القرود.
هذه التجربة معروفة بأسم تجربة القرود الخمسة.
في هذه التجربة قامت مجموعة من العلماء بوضع خمسة قرود في غرفة واحدة ووضعوا سلمًا في منتصف الغرفة وفي أعلي السلم قاموا بتعليق بعض الموز الظاهر الذي يمكن اخذه اذا تم صعود هذا السلم.
بمجرد أن لاحظ أحد القرود الموز، أتجه نحو السلم وصعده على الفور ليأخذ بعضًا من الموز ويأكله ولكن قبل أن يصل إليه يقوم العلماء برش الماء البارد جدًا على بقية القرود الأخرى في الغرفة. بعد لحظات يحاول قرد آخر الصعود للسلم لأخذ الموز مرة أخرى فيقوم العلماء ثانية بعمل بالشيء نفسه وهو رش مجموعة القرود الأخرى بالماء البارد.
بعد عدة محاولات من قرود مختلفة لصعود السلم وقيام العلماء برش الماء البارد علي باقي القرود بالتزامن تقوم القرود الأخرى في الغرفة بمنع القرد المتجه للسلم من الصعود عليه وكانت تضربه كلما همّ بالمحاولة والأتجاه نحو الموز.
ثم بدأ العلماء في أستبدال أحد القرود الخمسة ووضع قرد جديد في مكانه. وكان أول شيء يفعله القرد الجديد هو الذهاب إلى السلم، وسرعان حدوث ذلك كانت مجموعة القرود القديمة تضربه بشكل تلقائي على الرغم من عدم رش الماء البارد عليهم، بعد عدة مرات أدرك القرد الجديد أن صعود السلم أمر خاطئ على الرغم من أنه لا يعرف ما هو السبب وراء ذلك.
ثم قام العلماء تباعاً بأستبدال كل قرد قديم بقرد جديد حتى أصبح الخمسة قرود جميعًا جدد وأستمر نفس السلوك من القرود.
إذا سألنا أياً من القرود لماذا يضربون زميلهم الذي يحاول الوصول إلى الموز ، فمن المحتمل أن تكون إجابته:لا أعرف ولكن هذا ما وجدت أبائي فاعلين.
بمقارنة سريعة بين هذه التجربة مع القرود وربطها بالحياة سنري بلا أي مبالغة أنها نسخة طبق الأصل لما يفعله الكثير من الناس، فهم يقومون ببعض التصرفات والتعامل مع الأشياء دون فهم السبب أو الدوافع من وراءها.
فكر في العادات والتقاليد العديدة من حولنا والتي لا نعرف ما هو أصلها ولا نعلم اذا كانت صواب أم خطأ ولكننا ولدنا ووجدناها فطبقناها ونحن أحياناً مغيبين العقل وليس لدينا أي اسباب موضوعية ومع ذاك نقوم بها بشكل نمطي متكرر .
مثال واضح يحضرني في مجال العمل، عندما يحاول شخص تغيير الطريقة التي يعمل بها الآخرون في مؤسسة ما، سرعان ما يتكون ضده جبهة تضم الكثير من الأشخاص المناهضين للتغيير والمنحازين للطريقة الكلاسكية الي يألفونها، هذه المجموعة تقتل التغير في مهده ويشجعون بقاء الطرق القديمة فقط ربما لأنهم على دراية بها.
مثال أخر من الحياة، الأفراد التي تحاول تغيير أياً من المسلمات المجتمعية كأعراف وتقاليد الزواج أو الطلاق أو العلاقات عموماً تُهاجم بشراسة بكلام الناس والمجتمع وأنتقاداتهم السخيفة اللاذعة التي تصل الي التنمر أحياناً.
العبرة من هذه القصة هي: إذا حاولت في أي وقت أن تفعل شيئًا ما بطريقة مختلفة وشعرت بالإحباط أو قوبلت بالهجوم تحدى وأسأل نفسك: لماذا يتم ذلك بالطريقة التي هي عليها؟ وإذا لم تحصل على إجابات، فابدأ وجرب الأشياء على طريقتك وحين يهاجمك الأخرون أحكي لهم بكل ثبات وثقة قصة القرود الخمسة.
من
التعليقات