في أحد الأيام كان هناك رجل يزور حديقة الحيوانات وبينما كان يسير بين أماكن الحيوانات المختلفة التي كانت إما محبوسة أو مقيدة، لفت انتباهه أن بعض الأفيال الضخمة الحجم تجلس في الحديقة ولكن مقيدّة بحبل رفيع وهذا الحبل مربوط في جذع بشجرة صغيرة وقصيرة، فتسأل في ذهنه: كيف يمكن لمثل هذه المخلوقات الضخمة كتلك الأفيال التي تزن مئات الكيلوجرامات أن تبقى مقيدّة ومربوطة في أماكنها بواسطة هذا الحبل الرفيع الذي لا قيمة له بالمقارنة بقوة الفيل؟ وكيف للأفيال نفسها أن لا تعي ضعف هذا الحبل مقارنة بحجمها وقوتها الكبيرة، اندهش الرجل كثيراً خصوصاً أن جميع الحيوانات الأخرى كانت إما محبوسة في أقفاص حديدية كبيرة أو لديها سلاسل ضخمة حول أرجلهم.
كل هذه التساؤلات كانت تجول في ذهن الرجل ولكنه لم يجد أي إجابة واكتفى بالمتابعة لسلوك الأفيال الضخمة وقيودها الضعيفة في استغراب وحيرة شديدين، وبعد قليل وجد الرجل أحد الحُراس العاملين في حديقة الحيوان بالقرب منه، فتواصل معه وسأله: كيف يمكن لتلك الأفيال الضخمة أن تظل في مكانها هكذا وهي مقيدة بحبل رفيع و لماذا لا يحاولون الهرب أو على الأقل المشي والحركة بحرية؟
رد الحارس على الرجل وهو يبتسم وقال: دعني أخبرك قليلاً عن تاريخ هذه الأفيال، عندما كانت تلك الأفيال مجرد أطفال صغيرة كنا نحن الحراس نربطها بهذا الحبل الذي تراه، في ذلك الوقت، كان هذا الحبل أكثر من كافٍ لمنعهم من الهروب وإبقائهم في المكان الذي نريدهم أن يبقوا فيه بالضبط.
وعندما كبروا وأصبحوا أكبر سناً وأقوى جسماً، استخدمنا نفس الحبل والباقي كان يقوم به الأفيال أنفسهم لأنهم ما زالوا يعتقدون أنهم لن يتمكنوا من فك ربطهم بأنفسهم ولم يحاولوا أبدًا فعل ذلك.
ثم أضاف: هذه الأفيال تستطيع رفع أوزان هائلة وبخطوة واحدة فقط منهم يمكنهم اقتلاع الشجرة المثبتين فيها من جذورها، أنهم قادرين على الابتعاد والحركة في كل الاتجاهات بكل سهولة وأريحية.. ولكنهم فقط لم يحاولوا، العائق الحقيقي يكمن في أذهانهم، فقد شكلت تجربتهم السابقة مستقبلهم ووقفت حائلاً أن يحاولوا فك قيدهم.
هذه القصة المُلهمة الحكيمة تشبه تمامًا الكثير من سلوكياتنا نحن البشر، أحياناً عقلنا يكون مقيد بالسلاسل ويقف عقية نحو نمونا وتطورنا وسيرنا للأمام.
إن بعض البشر تفشل محاولاتهم في الإقدام على أي شيء حتى قبل أن تبدأ لأنها في الواقع لا تبدأ أصلاً، وهذا ما يسمى بمتلازمة الفيل المقيّد.
كم مرة اعتقدنا أننا عالقون في مكان ما وأنه لا يوجد لنا مخرج من موقف أو ظروف أو حادثة معينة نمر أو مرينا بها؟
كم مرة قررنا ألا نجرب أو أن لا نسير مرة أخرى في الطريق الذي واجهتنا فيه الحواجز او المطبات لمجرد أننا فشلنا مرة واحدة في اجتياز أي منهم؟
لقد اجتمع المتخصصين في المساعدة الذاتية والمعالجين النفسيين ومدربي الحياة وأخصائي التنمية البشرية أن متلازمة الفيل المقيّد سببها الأساسي هو القيود التي نفرضها بأنفسنا علي أنفسنا دون وعي منا أو بوعي من خلال تجاربنا الماضية.
نحن نقّيد أنفسنا وقدراتنا بسلاسل غير مرئية تصنعها عقولنا تمامًا كما فعلت تلك الأفيال، مع أننا نمتلك كل القوة لنسير أحرارًا ونستطيع أن نفك وثاقنا ونفتح في عقولنا أبواباً موصدة، إلا أننا لم نحاول لذا لم نذهب إلى أي مكان.
حاول أن تتخطى خوفك لأنه يمنعك من أن تتقدم وأن تنجح وأحياناً أن تتغير لصورة إنسان أفضل مما انت عليه اليوم.
اكسر القيود وحرر عقلك، إنها الطريقة الوحيدة للمضي قدمًا والسير إلى الأمام.
التعليقات