تلعب التنشئة الاجتماعية داخل كل منا دورا هاما ومؤثرا فى قبولنا للآخرين وكيفية التعامل مع من يختلفون عنا، تبدأ القصة بالحكايات التقليدية.
تصادم حلم إبنك بحلمك له كأب أو أم فهو يريد أن يعمل عملا حرفيا لا يحلم بالبالطو البيض، يؤسس أركان حلمه بأعمدة الورشة التى يريد تأسيسها وتصطدم الأحلام فى ملحمة عظيمة من المجادلة والحوار القائم على فكرة الصراخ والتهديد والوعيد وغضب الأب من غضب الرب.
هناك عدد غير قليل ينجح من أبنائنا فى مواجهة تلك المعركة ويخرج حاملا حلمه بقلبه وداخله خوف- لا يدركه أحد - من الفشل وتوقع الرد المعتاد من الأخرين بتوقعاتهم بل لنقل إنتظارهم لذلك الفشل وكأنه النجاة لهم ولأحلامهم التى من وجهة نظرهم إغتالها الأبناء.
تلك الفتاة الناجحة التى ترغب فى إستكمال مشوارها الاكاديمى للنهاية وطموحة للسفر وإنشاء حياة مستقلة تهتز لها أركان المنزل من هول الصدمة ، فلن تطل بالفستان الأبيض ولن تقام الأفراح والليالى الملاح ومن سيتقدم لفتاة الثلاثينات وفرص الأرتباط فى الهاوية يالها من نكبة أصابت العائلة من وجهة نظرهم.
هناك عدد أشك أنه كثير من الفتيات ينجح فى مواجهة هذا الصراع ليس ضد الأسرة فقط ولكن المجتمع الذى يحكم على الفتيات المستقلات من خلال الدراما والنمطية فى التناول والعادات والتقاليد وتصبح المعركة فى مواجهة قطبين يحكمان بفكرهما عن الأخر ولا يدركون أحلامه وطموحاته وحقه فى الحلم .
إمتدت أذرع التواصل الإجتماعى لتصير الصفحات الشخصية وما تحمله من أراء محل رصد وترصد وتتبع من الأخرين فهذا جانى وتلك تافهه وهؤلاء خونة !
صار الأمر بغيضا لا يُحتمل وأصبح قبول فكر الأخر من المستبعد بس صار محط إستنكار من الأخرين وإذا عدنا إلى بداية المقال سنجد أن السلسلة بدأت أولى حلقاتها من العائلة وعدم قبول أفكار أبنائنا أو من يتصلون معنا بصلة الرحم والقربى وإنتشرت زاوية الرؤية الوحيدة للأمور وضاقت الدنيا بما رحبت علينا جميعا.
والمثير للدهشة أن الدين يتحدث أن الإختلاف رحمة وكأنها رسالة لنا جميعا أنها وجهات نظر لا تمس العقيدة ولكنها تمس حياة الأخرين.
ظاهرة (الوصاية ) التى إمتدت للجيران والأصدقاء وزملاء العمل وأخذ البعض منهم على عاتقه ترويض من حوله بل والتدخل فى الخصوصيات وكأنها حياة عامة نملكها جميعا وتفشت لنجد الحوادث الدموية تتصدر المانشيتات والتى أتمنى أن تكون فردية.
لم يسمعوا بقصة -أخطأ عمر وأصابت إمرأة- بغض النظر عن مضمون الرواية لكنها إشارة أن أرائنا تحتمل الخطأ قبل الصواب مهما بلغنا من المكانة والعلم والدين.
الأمر خطير حقا وليس وليد لحادث أو تراشق على صفحات التواصل الإجتماعى ولكنها بداية لكارثة ليست رفضا للأخرين فقط ولكن لعقابهم على إختياراتهم وأى جانب يلتمسون.
قبولنا للأخرين ينتج لنا جيلا يستمع أكثر مما يتكلم، يقرأ ليدرك جوانب الأمور، يتحرى العقل قبل ان يقذف لهيبه فى وجوه من حوله.
التعليقات